صحيفة ألمانية : الاندماج عبر تعلّم اللغة .. شابة سورية تكافح من أجل مستقبلها وسط بحر من الكلمات

 

بعد رحلة لجوء قاسية تخوض الشابة السورية ريناد برهوم (26 عامًا) معركة من نوع آخر في ألمانيا: تعلّم اللغة وبناء مستقبل مهني. فبعد سبع سنوات من وصولها إلى البلاد، تتابع ريناد اليوم دورة اللغة الألمانية (B2) في مدرسة تعليم الكبار (VHS) بمدينة باد أولدسلوه، واضعة نصب عينيها هدفًا واضحًا: العمل في المجال الطبي.

تخرج ريناد من مبنى مركز الثقافة والتعليم (KuB) برفقة زميلتين بعد انتهاء درس اللغة. تقول بثقة: «أريد أن أبني مستقبلي هنا، وأن أعمل في المهنة التي حلمت بها دائمًا، في المجال الطبي». طريقها لم يكن سهلًا؛ ففي سوريا اضطرت إلى ترك المدرسة بسبب الحرب. وعند وصولها إلى ألمانيا نهاية عام 2018، بدأت تعلّم اللغة ذاتيًا، مستخدمة الدفاتر والإنترنت.

بعد ولادة طفليها، كرّست سنواتها الأولى لرعايتهما. وعندما التحقا برياض الأطفال، اجتازت ريناد امتحان المستوى B1 من دون الالتحاق بدورة، ونجحت فيه. خلال تلك الفترة حصلت أيضًا على رخصة القيادة، وأنجزت تدريبًا عمليًا في باد أولدسلوه كمساعدة طبية (Medizinische Fachangestellte).

اليوم، تعود ريناد يوميًا إلى مقاعد الدراسة في VHS، حيث يفتح لها مساق B2 الباب نحو بدء التدريب المهني. تقول: «الدروس تحفّزني كثيرًا. نناقش ونتشارك الهدف نفسه، وأشعر أنني أستثمر وقتي في شيء مفيد».

تحب ريناد التعلّم ضمن مجموعات وخارج الصف أحيانًا، كما تدرس وحدها في المنزل بهدوء. وترى أن تعلّم اللغة يحتاج قبل كل شيء إلى تواصل حيّ وحوارات يومية. «المحادثات اليومية في VHS ممتعة»، تقول مبتسمة، قبل أن تضيف ضاحكة: «لكن القواعد وأدوات التعريف صعبة. الألمانية بحر، لكل كلمة أكثر من معنى. لا شيء سهل، لكن لا شيء مستحيل».

ارتبطت ريناد ببعض الكلمات الألمانية البسيطة مثل «Also»، «stimmt»، «genau» و«danke»، وتصفها بأنها «أبواب صغيرة» تفتح طريق التواصل. خارج الصف، تحرص على التحدث بالألمانية قدر الإمكان، وتشاهد أفلامًا باللغة نفسها، بينما تبقى العربية لغة البيت مع طفليها.

وتؤكد ريناد أنها لم تتعرض للتمييز، بل على العكس شعرت بدعم كبير، خصوصًا في تعلّم اللغة. لكنها تتمنى توفّر مزيد من الأنشطة المجانية للأمهات والأطفال في باد أولدسلوه، بما يساعد على الاندماج وتسريع تعلّم اللغة.

بالنسبة لريناد، اللغة ليست مادة دراسية فحسب، بل أداة لحياة جديدة. وتختم بوضوح: «أريد العمل في المجال الطبي. عندما أحصل على شهادة B2 سأبدأ تدريبي المهني هنا. هذا هو هدفي الأكبر».

 

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.