صحيفة سعودية : ” منها اقتلاع الوجود الإيراني والتركي .. لماذا تؤسس السعودية تكتلاً إستراتيجياً يضم الدول المشاطئة للبحر الأحمر؟ “

استجابةً للتحديات الأمنية التي تعج بها المنطقة جراء كثرة النزاعات العسكرية والتدخلات غير الشرعية التي تشهدها؛ تعمل السعودية منذ مدة بالتعاون مع الدول المجاورة على تأسيس كيان يضم الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، لحماية وتأمين البحر الأحمر وخليج عدن ضد مختلف الأخطار التي تتهددهما، سواء كانت صادرة عن دول أو ميليشيات أو قراصنة؛ حفاظاً على الملاحة في هذا الممر الحيوي لحركة التجارة الدولية، الذي تمر فيه سنوياً 13% من إجمالي التجارة العالمية، أو ما يعادل قيمته 2.4 تريليون دولار، بالإضافة إلى صيانة أمن الدول المطلة عليه من الاختراقات التي تهدد استقرارها وتشكل ضغوطًا عسكرية وسياسية عليها.

وتعود فكرة إنشاء الكيان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهي فكرة تنسجم تماماً مع ما عُهد عن القيادة السعودية من تغليبٍ للتوجه الجماعي، كصيغة مثلى في التعاون بين الدول في المسائل والقضايا المرتبطة بمصالحها الحيوية، خصوصاً الأمنية؛ فمن شأن طبيعة هذه القضايا ألا تعالج سوى في إطار جماعي يحفظ مصالح كل الدول المعنية، وتتضاعف نتائجه بجهودها أيضاً، وكما تفصح المعلومات فإن السعودية تسعى منذ مدة بالتعاون مع جيرانها لتأسيس هذا الكيان؛ فقد سبق الاجتماعَ التشاوري الذي شهدته الرياض اليوم (الأربعاء) بين السعودية ومصر والأردن والسودان واليمن والصومال وجيبوتي، وانتهى بالاتفاق على إنشائه؛ اجتماعٌ آخرُ عُقد في القاهرة في 11 و12 ديسمبر 2017 لدراسة الجوانب المتعلقة بتأسيسه.

وهذا الكيان عبارة عن تكتل استراتيجي يضم الدول السبع، ووفق ما نص البيان الختامي لاجتماع الرياض التشاوري فإنه: “يستهدف التنسيق والتعاون بين تلك الدول، ودراسة السبل الكفيلة بتحقيق إنشائه في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية والأمنية”، أما عن الحاجة الماسة إليه فمراجعة تحركات إيران وتركيا في مجال هذا الممر الحيوي في السنوات الأخيرة كفيلة بوضع أهميته في نصابها الصحيح وحجمها الحقيقي.

فمنذ مطلع عام 2016 سعت تركيا إلى تأسيس وجود عسكري لها في البحر الأحمر وخليج عدن، وبحسب ما أعلن مسؤولوها فإنها أنشأت قاعدة عسكرية في الصومال، وتكمن خطورة هذه القاعدة العسكرية التي أنشأتها تركيا تحت غطاء تدريب الجنود الصوماليين، والتي تعد أكبر قاعدة عسكرية لتركيا خارج أراضيها؛ في أنها تمثل اختراقًا عسكريًّا تركيًّا للمنطقة، ومحاولة لاستعادة وجودها العسكري فيها إبان فترة احتلالها، ولم تتوقف مساعي تركيا لاختراق مجال البحر الأحمر وأمن دوله عند قاعدتها في الصومال؛ بل امتد لإنشاء قاعدة ثانية في جزيرة سواكن السودانية الإستراتيجية في البحر الأحمر، تحت غطاء ترميم الآثار التركية التاريخية فيها؛ ما يشكل تهديدًا عسكريًّا وأمنيًّا مباشرًا للسعودية ومصر وغيرهما من الدول في حوض البحر الأحمر.

ويوازي الاختراقَ العسكري التركي اختراقٌ آخرُ إيرانيٌّ لا يقل عنه خطورة؛ لأن إيران تمارس وجودها العسكري من خلاله عبْر شكلين أساسيين: الأول بالاعتماد على نفسها من خلال إنشاء قواعد عسكرية عائمة ضمن نطاق المياه الدولية في البحر الأحمر، خصوصاً قبالة اليمن، وهو ما أعلن عنه رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد حسين باقري في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، والثاني وجود عسكري بالوكالة من خلال ميليشيا الحوثي، التي ما فتئت منذ انقلابها على الحكومة الشرعية في اليمن تستهدف السفن الملاحية للدول التي تعاديها إيران، خصوصاً عند ارتفاع وتيرة التوترات معها؛ كالولايات المتحدة الأميركية والسعودية.

وتتطلب تلك التحديات الأمنية الخطيرة معالجةً جادة من الدول المعنية، وهو ما تقوم به السعودية في مساعيها الحالية لتأسيس هذا التكتل الإستراتيجي، الذي ستكون من مهامه اقتلاع الوجود العسكري التركي والإيراني من حوض البحر الأحمر، من خلال الجهود الدفاعية والالتزامات القانونية للدول المنضوية في إطاره، وكما تنبئ أسباب إنشاء هذا التكتل فإن السعودية لا يمكنها أن تتهاون في حفظ وصيانة أمنها؛ لخطورة ذلك على مصالحها الأمنية والاقتصادية ومشاريعها العملاقة المرتبطة بالبحر الأحمر، وانطلاقاً من ذلك لا يتوقع منها غض الطرف عن أي اختلالات أمنية تطال البحر الأحمر من أي طرف، لكنها دائماً تعالج الاختراقات غير الشرعية المتخفية تحت أهداف مضللة بتأسيس التحالفات القانونية المعبرة عن إرادتها وإرادة الدول المتحالفة معها.

محمد صبح – صحيفة “سبق” السعودية

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫4 تعليقات

  1. الخطر الأعظم الذي يهدد السعودية ليس ايران ولا تركيا ؛ بل هو ابن سلمان والمنتجعات التي يقيمها على شواطئ البحر الأحمر بما فيها بيوت سكر وعربدة ومقاصف وبيوت دعارى وكازينوهات مخصصة للسياحة الجنسية وهناك اتفاق مع بوتين وترامب على استيراد الشقراوات من روسيا وامريكا والساحل السوري

  2. مواجهة إيران تتطلب تحالفا مع تركيا ورحم الله من قال 100 عصفور ما بيعملوا عزيمة!!!11

  3. الصراع بين السعودية و ايران كالصراع بين عصابة الأسد و اسرائيل، و لربما الأسد كان جديا اكثر… ال سعود من أكثر الداعمين لشيعة لبنان، و لم يواجهوا إيران مرة في حياتهم، بل حاربوا الاسلام السني المعتدل في اي مكان ثقفوه، و أحد أهم أسباب المأساة السورية هم ال سعود…