هل يجب دفع ” رسوم عدم الحضور ” في ألمانيا ؟ .. الجدل يتصاعد و القرار لم يُحسم بعد

لم تعد “رسوم عدم الحضور” (No-Show-Gebühr) حكرًا على الفنادق وشركات الطيران فقط، بل أصبحت تُطالب بها مطاعم، صالونات حلاقة، عيادات طبية، وأندية رياضية. ومع ازدياد عدد الحالات، بدأ الجدل حول مدى قانونية هذه الرسوم في التصاعد، ليصل إلى طاولة مؤتمر وزراء العدل في الولايات الألمانية.
من أين بدأت القصة؟
يتفاجأ البعض بمطالبتهم بدفع تعويض عند إلغاء موعد متفق عليه، كزيارة لمصفف الشعر أو حجز طاولة في مطعم. حتى في الأماكن التي يمكن ملء فراغها بسهولة بزبائن آخرين، يصرّ بعض مقدّمي الخدمات على فرض رسوم تصل أحيانًا إلى عشرات اليوروهات كتعويض عن “الخسائر”.
“مشكلة حقيقية” في القطاع الصحي
بحسب الجمعية الاتحادية للأطباء (KBV)، فإن 10 إلى 20% من مواعيد المرضى لا تُحترم. ويعتبر رئيس الجمعية، الدكتور أندرياس غاسن، أن ذلك يمثل “مشكلة حقيقية”، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواعيد دقيقة كصور الرنين المغناطيسي أو العمليات الجراحية، حيث يصعب إعادة جدولة هذه المواعيد في وقت قصير.
غاسن اقترح فرض رسوم تتراوح بين 10 و20 يورو على المرضى المتغيبين. بينما طالب اتحاد أطباء الأطفال والمراهقين برفعها إلى 100 يورو حسب طول الموعد. لكن الاتحاد الألماني للنقابات العمالية (DGB) وصف هذه المطالب بأنها “غير معقولة”، محذرًا من وضع المرضى تحت “الاشتباه العام باستغلال النظام”.
ما هو الوضع القانوني؟
حتى الآن، يحق لمقدّمي الخدمات فرض هذه الرسوم إذا كانت مذكورة مسبقًا ضمن الشروط العامة للعقد (AGB). وتؤكد جمعية حماية المستهلك أن ذلك قانوني فقط إذا تم الاتفاق عليه صراحةً.
ومع ذلك، تبقى الأمور معقدة. فحتى في حال التغيب لظروف قاهرة، مثل المرض أو الحوادث، قد يبقى الشخص ملزمًا بالدفع إذا تم توقيع عقد مسبق. الجدل القانوني لا يزال قائمًا حول ما إذا كان التغيب “غير المتعمَّد” يُسقط هذا الالتزام أم لا، وغالبًا ما يُترك التقدير للمحكمة في حال النزاع.
هل يمكن الطعن في الرسوم؟
تشير التوصيات القانونية إلى إمكانية الاعتراض على رسوم الإلغاء، خاصة إذا تم إبلاغ الجهة مقدّمًا، حيث تقل احتمالية وقوع ضرر فعلي. وفي حال حصول خلاف، يُطلب من مقدم الخدمة إثبات وجود خسائر، كتكاليف تجهيز أو أرباح مفقودة.
وفي مؤتمر وزراء العدل الذي عُقد مؤخرًا في مدينة باد شانداو، ناقشت الولايات الألمانية ضرورة تنظيم هذه الرسوم قانونيًا. وقد جاءت المبادرة من وزيرة العدل في ولاية سكسونيا السفلى، كاترين فالمان (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، التي أكدت: “لا يمكن أن يستمر هذا الغموض القانوني”.
غير أن نتائج المؤتمر لم تُفضِ إلى قرارات حاسمة، بل تم الاتفاق فقط على مطالبة وزيرة العدل الاتحادية بدراسة ما إذا كانت هناك حاجة لتعديل القوانين الحالية، من أجل تحقيق توازن قانوني بين حقوق المستهلكين ومصالح مقدمي الخدمات.