شبكة ألمانية : سوريون في شرق ساكسونيا .. ” أصدقائي الألمان حذروني من الانتقال إلى هذه المدينة “

في عام 2015، وصل أكثر من 300 ألف سوري إلى ألمانيا، معظمهم لاجئون، وبعضهم الآخر بتأشيرات عمل أو دراسة. بقي بعضهم في مدينة بوتسن بولاية ساكسونيا، وبعد مرور عشر سنوات، يستعيد عدد من السوريين هناك ذكرياتهم الأولى، ويروون كيف كانت تجربتهم في المدينة.

“هل توجد سيارات في سوريا؟ هل يعيش فيها مسيحيون؟ وهل ترتدي كل النساء الحجاب؟” أسئلة كهذه كثيرًا ما وُجهت إلى زياد العيد بعد وصوله إلى ألمانيا، كما يروي أمام جمهور من الحاضرين. المهندس المدني، إلى جانب ثلاثة سوريين آخرين، شارك في أمسية نظمها نادي “مرحبًا بكم في بوتسن” تحت عنوان “من دمشق إلى بوتسن”.

المناسبة: مرور قرابة عشرة أعوام على موجة لجوء السوريين، التي وصل خلالها بعضهم إلى بوتسن.

“نرغب في تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة”، يقول العيد، ويتابع: “غالبًا ما يُربط اسم سوريا في ألمانيا بالدم والحرب واللاجئين فقط، لكن بلدنا أكثر من ذلك بكثير”.

ركزت مداخلات المشاركين على الحياة الجيدة التي عرفوها في سوريا قبل الحرب – على الثقافة والعادات والنجاحات – ولم تغب الأطعمة السورية عن النقاش، بل كانت حاضرة على الموائد أيضًا. فطائر الزعتر، والصلصات الشرقية، والحلويات التقليدية، كلها كانت متاحة للتذوق. وانطلقت الأحاديث بين الضيوف على وقع النكهات.

كيف كانت تجربة السوريين في بوتسن؟

زياد العيد جاء إلى ألمانيا عام 2017 بتأشيرة دراسة إلى بوخوم، ثم وجد وظيفة كمهندس في بوتسن. “حذرني العديد من الأصدقاء الألمان من المدينة بسبب وجود نازيين وداعمين لحزب البديل”، لكنه يؤكد: “لم أتعرض لأي تجربة سلبية، الناس هنا ودودون”.

وتتفق معه زوجته ليلى نجيب، التي لحقت به إلى ألمانيا عام 2019، وسرعان ما وجدت وظيفة كمهندسة معمارية. “أشعر بالراحة هنا”، تقول. “لدينا الكثير من الأصدقاء والمعارف الألمان”.

أما محمد عطا، وهو سوري آخر، فلديه بدوره انطباعات إيجابية عن المدينة: “بوتسن بالنسبة لي مرتبطة بالكثير من اللحظات الجميلة التي عشتها منذ 2015. تعرفت هنا على زوجتي، وُلد طفلي هنا، وتعلمت اللغة الألمانية”.

يروي عطا أنه وصل إلى ألمانيا عام 2015 على متن قارب مطاطي مع 57 شخصًا بينهم أطفال، انطلق من تركيا إلى اليونان، ومن هناك عبر إلى المجر، ثم استقل سيارة أجرة إلى ألمانيا مقابل 2800 دولار.

“كنا 57 شخصًا في قارب مطاطي”، يتذكر عطا، في بوتسن، بدأ بتعلم اللغة الألمانية وعمل في الوقت نفسه. رغم أنه حاصل على شهادة جامعية وكان يشغل منصب مدير موارد بشرية في بلده، اضطر للبدء من الصفر بسبب ضعف لغته.

كانت أول فرصة عمل له في شركة “ULT AG” كمساعد، وأضاف: “في البداية كان زملائي يتحدثون إلي بالإشارات، لم أكن أعرف كلمة ألمانية واحدة، لكننا كنا نضحك كثيرًا”.

مع الوقت، تطورت مسيرته، فدرس إدارة الأعمال في دريسدن، وتولى لاحقًا منصبًا إداريًا في مجالات الشراء واللوجستيات والشحن.

كتب محمد عطا قصته الناجحة في بوتسن، ورغم أنه لم يواجه عداءً مباشرًا، إلا أن بعض أصدقائه من السوريين غادروا المدينة بعد فترة بسبب المضايقات التي تعرضت لها نساء محجبات.

وأضاف: “بوتسن خسرت بذلك أشخاصًا كانوا يعملون هنا، وهذا مؤسف”.

هل يفكر السوريون بالعودة بعد سقوط النظام؟ سأله أحد الحضور عما إذا كان السوريون سيعودون بعد تغيير النظام في بلادهم، أجاب عطا بأن البعض، خاصة كبار السن، يفكرون في ذلك لأنهم يجدون صعوبة في الاندماج، لكن “الوقت لم يحن لاتخاذ هذا القرار”، لأن الوضع في سوريا ما زال غير مستقر.

وأضاف: “كما أن الكثير من السوريين عاشوا عشر سنوات في ألمانيا، بنوا حياة جديدة، عائلة، أصدقاء وجيران، وهذا يؤثر على القرار بشكل كبير”.

وفي ختام الأمسية، أجاب المتحدثون عن الأسئلة التي طُرحت في البداية: هل هناك مسيحيون في سوريا؟ نعم، حوالي 10% من السكان، هل ترتدي كل النساء الحجاب؟ لا، ليس جميعهن. والمشارِكات في الفعالية خير دليل على ذلك.

 

 

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها