وسائل إعلام ألمانية : سوري بلا جنسية يبني مستقبله كصاحب شركة في ألمانيا

بعد أن فرّ من الحرب في سوريا عام 2015، أعاد فهد الخطيب بناء حياته من الصفر في ألمانيا. واليوم يقود شركته الخاصة في مجال الحرف اليدوية في جنوب ألمانيا، لكن وضعه القانوني كـ “عديم الجنسية” لا يزال يعرقل خطواته. هذا ما تناولته منصة evangelisch.de في تقريرها بتاريخ 26 أغسطس 2025.

على إحدى ورش العمل، يخرج الخطيب مرتديًا زيّ العمل الأبيض ويخاطب عماله الأربعة بالعربية: “استراحة تدخين!”. على طاولة صغيرة وُضعت ترمسات الشاي والقهوة، حيث يأخذ فريقه استراحة قصيرة كل ساعتين. منذ الصباح الباكر يعملون معًا على إزالة السجاد وطلاء الدرابزين.

الخطيب كان يعمل منذ شبابه كفني بلاط وفنان موزاييك في سوريا، حيث أسس لاحقًا شركة تضم 15 موظفًا. لكن الحرب دفعته في صيف 2015 للهروب مع زوجته وأطفاله الأربعة ووالدته إلى ألمانيا، ضمن أكبر موجة لجوء شهدتها البلاد منذ عقود، حيث طلب نحو 1,1 مليون شخص الحماية في ذلك العام.

بعد ثلاثة أشهر في مركز الاستقبال في غيسن، استقرّت عائلته في إيغيلسباخ (مقاطعة أوفنباخ). هناك ساعدتهم منظمة مسيحية على الاندماج، وقدّموا لهم الدعم الأولي، من المساعدة في المعاملات إلى تعريفهم بأماكن الخدمات الأساسية. كما أسسوا عبر مقهى اللغة علاقات صداقة لا تزال قائمة حتى اليوم.

رغم أنه التحق بدورة لغة، أصرّ الخطيب بعد شهرين فقط على أن العمل هو السبيل الأسرع لتعلم الألمانية. بدأ بوظائف صغيرة، ثم عمل لعام كامل في شركة تشغيل مؤقت. بعد هذا “العام الصعب”، اجتاز اختبار اللغة B1 واكتسب خبرة عملية عن سوق العمل في ألمانيا.

في عام 2021 أسس شركته الخاصة، مخالفًا نصيحة محاسبه. واليوم ينفذ مع فريقه مشاريع متنوعة في مجال البناء والتجديد والبستنة في عموم جنوب ألمانيا.

لكن رغم النجاح، يظل وضعه القانوني عائقًا كبيرًا. فهو يُعتبر “عديم الجنسية” بسبب جذوره الفلسطينية، ما يجبره على تجديد إقامته كل سنتين أو ثلاث. هذا الوضع يحرمه من الحصول على قروض مصرفية، وبالتالي لا يستطيع شراء مركبات جديدة أو الاستثمار في آلات حديثة، ويضطر للاعتماد على سيارات مستعملة كثيرًا ما تتعطل.

ورغم التغيير السياسي الكبير في سوريا أواخر 2024 وسقوط نظام الأسد، لا يفكر الخطيب في العودة: “لقد بنيت حياتي من جديد ثلاث مرات، ولن أفعل ذلك مرة أخرى”، كما يقول. لكنه لا يخفي رغبته في زيارة وطنه يومًا ما.

قصة فهد ليست استثناءً. فبحسب دراسة حديثة لمعهد أبحاث سوق العمل (IAB) في أغسطس 2025، بلغت نسبة تشغيل الرجال من اللاجئين الذين جاؤوا إلى ألمانيا عام 2015 نحو 76%، وهي نسبة أعلى حتى من معدل التوظيف بين الرجال الألمان (72%). أما النساء اللاجئات فما زالت نسبتهن أقل بكثير (35%).

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها