بعد 10 سنوات .. صحيفة ألمانيا : شابة سورية تروي قصتها .. ” بيتي أصبح هنا الآن “

قبل عشر سنوات هربت بيروز حنان من مدينة عفرين شمال سوريا، مرورًا بتركيا واليونان ودول البلقان، حتى وصلت إلى ألمانيا.
رحلة محفوفة بالخوف، القوارب المطاطية، والنوم في خيام وصالات رياضية مكتظة. لكنها اليوم، بعد عقد من الزمان، تحمل الجنسية الألمانية وتعيش في مدينة ديبورغ بولاية هسن، حيث تعمل في جمعية ألمانية-سورية لمساعدة اللاجئين على الاندماج المهني.
تقول بيروز: “2014 غادرتُ مع أخي وابن عمي إلى تركيا، لكننا لم نجد هناك مستقبلًا. عملنا من الصباح حتى المساء بالكاد لندفع إيجار السكن ونأكل. فقررنا المضي إلى أوروبا. عبرنا البحر بقارب مطاطي إلى اليونان، ثم واصلنا عبر دول البلقان حتى وصلنا ألمانيا في صيف 2015.”
في البداية كان الاستقرار صعبًا: حياة بلا خصوصية في قاعات جماعية، انتظار طويل لدروس اللغة، ومجهولية القرار في قضايا اللجوء. لكنها تذكر أيضًا أيادي المساعدة التي امتدت إليها: معلمات تطوعن لتعليمها الألمانية، وأسر ألمانية استضافتها. عام 2017 حصلت على حق اللجوء، وبعد سنوات من الدراسة والعمل حصلت عام 2023 على جواز السفر الألماني.
“كان ذلك شعورًا لا يوصف – لحظة الحرية الحقيقية. لم أعد أسيرة الأوراق والإقامات المؤقتة. كل الأبواب باتت مفتوحة أمامي.”
حنان درست في جامعة حلب إدارة الأعمال والأدب الإنجليزي. اليوم تعمل في دارمشتات بدوام كامل، حيث تساعد لاجئين آخرين على إيجاد عمل والتغلب على صدمات الحرب. تقول: “كثيرون ممن وصلوا إلى ألمانيا بحاجة فعلًا إلى علاج نفسي، لكنهم لا يجدون بسهولة مكانًا، خاصة بالعربية أو الكردية. النساء يعانين أكثر، بسبب مسؤوليات الأطفال والبيت، وصعوبة إيجاد فرص للتعلم والعمل.”
ورغم ذلك ترى بيروز أن ألمانيا منحتها ما لم تكن تحلم به: الحرية. “هنا أستطيع أن أقول ما أريد. أشعر بالأمان. لم أتعرض في دارمشتات لأي شكل من أشكال العنصرية. بالعكس، الناس لطفاء.”
عن التغيّرات السياسية والنقاشات حول الهجرة تقول: “صحيح أن الجو العام صار أصعب، لكن الكثير من السوريين هنا يعملون ويدفعون الضرائب. نحن نرد الجميل لألمانيا. العودة إلى سوريا يجب أن تبقى خيارًا طوعيًا فقط، لأن الوضع هناك ما زال خطيرًا ومأساويًا.”
عندما سقط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، لم تصدّق الخبر في البداية. تروي: “كنت أصرخ من الفرح، أيقظت أخي وقلت له: استيقظ، الأسد لم يعد موجودًا! بعد أحد عشر عامًا عدنا إلى سوريا وقابلنا والدتنا. احتضناها لأول مرة منذ عقد. كانت لحظة لا تنسى.”
لكنها رغم الشوق تؤكد: “بدأتُ حياتي من الصفر هنا، والآن بعد عشر سنوات لا أستطيع أن أبدأ من الصفر مرة أخرى في سوريا. بيتي أصبح هنا.”