قصص تاريخية .. عندما خطفت موسكو آلاف العلماء الألمان في يوم واحد

 

مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية على الساحة الأوروبية، باشر الحلفاء، أثناء تقدمهم في الأراضي الألمانية، بملاحقة العلماء الألمان الذين عملوا على برامج تكنولوجية وعلمية ساهمت في منح ألمانيا تفوقاً هاماً منذ بداية النزاع العالمي.

ففي خضم الحرب، لاحظ الحلفاء تفوق ألمانيا في مجال صناعة الطائرات النفاثة والصواريخ الباليستية والدبابات إضافة للطب والفيزياء النووية. ولهذا السبب، طارد الحلفاء هؤلاء العلماء بهدف نقلهم نحو دولهم والاستفادة من أعمالهم وأبحاثهم.

وضمن هذا السياق، أطلق الأميركيون عملية مشبك الورق (Paperclip) سنة 1945 للقبض على العلماء الألمان ونقلهم إلى الأراضي الأميركية. وبالجهة المقابلة، أعلن السوفييت عام 1946 عن عملية مشابهة عرفت باسم أوسوافياخيم (Osoaviakhim).

ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، باشر الاتحاد السوفييتي على عين المكان بعملية نقل العديد من العلماء والخبراء الألمان نحو أراضيه. ومنذ البداية، حاول السوفييت التركيز على فكرة الحصول على سلاح نووي عقب التجارب التي شاهدها العالم بكل من هيروشيما وناغازاكي. ولإنجاح برنامج قنبلتهم الذرية، نقل السوفييت نحو 100 عالم ألماني كان من ضمنهم الفيزيائي غوستاف هرتز (Gustav Hertz) وعالم الكيمياء نيكولاوس ريهل (Nikolaus Riehl) والمخترع المختص بمجال الفيزياء التطبيقية مانفريد فون أردين (Manfred von Ardenne).

وبقرار صادر عن جوزيف ستالين خلال مايو (أيار) 1946، كلف مجلس الوزراء السوفييتي بمهمة الاستعداد لبناء العديد من المنشآت العلمية المخصصة للأبحاث وتهيئة مناطق أخرى لإنشاء منشآت صناعية ثقيلة. وبهذه الخطوة، حاول ستالين تفكيك المنشآت الصناعية العسكرية الألمانية ونقلها بأسرع وقت نحو الأراضي السوفييتية. كما طالب القائد السوفييتي وزرائه بإعداد خطة للاستعداد لاستقبال حوالي ألفين من العلماء والمهندسين والخبراء الألمان الذين سيهجرون، رفقة عائلاتهم، نحو الأراضي السوفييتية.

وتنفيذاً لأوامر ستالين، كلفت مفوضية الشعب للشؤون الداخلية السوفييتية الضابط، وقائد الإدارة العسكرية السوفييتية بألمانيا، إيفان سيروف (Ivan Serov) بمهمة إعداد خطة سرية لاعتقال وجمع العلماء والخبراء الألمان بشكل سريع ونقلهم، رفقة عائلاتهم، نحو الأراضي السوفييتية.

وحسب تقديراته حينها، اتجه سيروف لتجهير عدد كبير من العربات والقطارات لتأمين نقل حوالي 6500 شخص نحو الاتحاد السوفييتي بغضون يوم واحد. ومن جهة ثانية، تضمنت خطة سيروف تفكيك المنشئات العسكرية الألمانية ونقل معداتها نحو الأراضي السوفييتية خاصة مع صدور قرار حظر على ألمانيا إنتاج الأسلحة على أراضيها.

ولتنفيذ خطتهم، انتظر السوفييت انقضاء الانتخابات التي أجريت ما بين يومي 20 و21 أكتوبر (تشرين الأول) 1946 بالمناطق القابعة تحت سيطرتهم من ألمانيا. وفي اليوم التالي، باشرت القوات السوفييتية بشكل مفاجئ بمداهمة منازل الآلاف من العلماء والخبراء الألمان مجبرة إياهم على حزم أمتعتهم والرحيل نحو الاتحاد السوفييتي.

وخلال يوم واحد، نقل الاتحاد السوفييتي حينها ما يزيد عن 6500 شخص لداخل أراضيه. وحسب الإحصائيات، نقل السوفييت 1385 مختصاً ألمانياً بمجال صناعة المحركات النفاثة والمجال الباليستي، و385 مختصاً بمجال الاتصالات، إضافة لعلماء آخرين مختصين بمجالات الطيران والكيمياء والصناعات النفطية والزراعة.

ومع وصولهم للأراضي السوفييتية، حصل هؤلاء العلماء الألمان على معاملة جيدة حيث منحوا شققاً واسعة وجيدة، إضافة لكميات وافرة من الطعام بفترة عانى منها الاتحاد السوفييتي من نقص الغذاء وبداية تفشي المجاعة.

وخلال السنوات التالية، لعب هؤلاء العلماء الألمان دوراً محورياً في حصول السوفييت على السلاح النووي وتطوير برنامجه الصاروخي. (alarabiya)

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها