يورونيوز: أسلحة وسفن وغارات.. كيف انفجر الخلاف السعودي – الإماراتي على أرض اليمن؟

 

علّقت الخارجية الإماراتية على التطورات في اليمن بالقول إنها “تأسف لما ورد في بيان “السعودية الشقيقة من مغالطات جوهرية”، وأكدت رفضها القاطع “الزج باسم الإمارات في النزاعات اليمنية”.

كما استهجنت الادعاءات بشأن “توجيه أي طرف يمني للقيام بعمليات عسكرية تمس أمن السعودية، مؤكدة حرصها على أمن واستقرار الرياض واحترامها الكامل لسيادتها وأمنها الوطني.

وأكدت أبو ظبي أن “العلاقات الأخوية مع المملكة تشكل ركيزة لاستقرار المنطقة، وأنها تحرص على التنسيق مع الأشقاء في المملكة”.

وأوضحت أن موقفها منذ بداية الأحداث في حضرموت والمهرة “كان يهدف إلى احتواء الموقف ودعم التهدئة، مشيرة إلى أن الوجود الإماراتي في اليمن جاء بدعوة من الحكومة الشرعية وضمن إطار التحالف العربي بقيادة السعودية، وأن التعامل مع التطورات الأخيرة يجب أن يتم بمسؤولية وعلى أساس الوقائع الموثوقة لتفادي أي تصعيد”، وأضافت أن الشحنة المشار إليها “لم تتضمن أي أسلحة، وأن العربات التي تم إنزالها لم تكن مخصصة لأي طرف يمني، بل تم شحنها لاستخدامها من قبل القوات الإماراتية العاملة في اليمن”، وتابعت أنه رغم وجود “تنسيق مع السعودية، تفاجأت الإمارات باستهدافها في ميناء المكلا”.

وأتى ذلك بعد أن استهدف التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، الثلاثاء، كمية كبيرة من الأسلحة والمركبات القتالية التي كانت تُفرَّغ في البلاد من سفن قادمة من ميناء الفجيرة الإماراتي. ووصفت الخارجية السعودية تحركات أبو ظبي بأنها “بالغة الخطورة”.

وقالت الخارجية في بيان صباح اليوم: “نأسف لضغط الإمارات على المجلس الانتقالي الجنوبي للقيام بعمليات في حضرموت والمهرة، ونشدد على أهمية إيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن”، واعتبرت أن تحرك الإمارات “لا ينسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية”.

وكانت الرياض قد أعلنت أنها ستدعم الحكومة اليمنية في أي مواجهة عسكرية مع القوات الانفصالية، ودعت المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيًا، إلى الانسحاب “سلميًا” من محافظتي حضرموت والمهرة التي سيطر عليها مؤخرًا. إذ يسعى المجلس الانتقالي إلى إحياء دولة جنوب اليمن التي كانت مستقلة سابقًا بين عامي 1967 و1990، قبل توحيدها مع شمال البلاد.

وقد أدّى التحرك العسكري إلى تأجيج التوتر بين الرياض وأبوظبي، الداعمتين لأطراف متنافسة داخل اليمن، واللتين تشتركان في محاربة جماعة أنصار الله الحوثيين.

وبحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”، فإن “أطقم السفينتين عطّلوا أنظمة التتبع الخاصة بهما، وقاموا بتفريغ كمية كبيرة من الأسلحة والمركبات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي”.

وأضافت الوكالة: “نظرًا لما تشكّله هذه الأسلحة من خطر وتصعيد، نفذت القوات الجوية للتحالف عملية عسكرية محدودة صباح اليوم استهدفت الأسلحة والمركبات القتالية التي جرى تفريغها من السفينتين في ميناء المكلا”.

وأوضحت أن السفينتين قدمتا من ميناء الفجيرة على الساحل الشرقي لدولة الإمارات، مشيرة إلى أن العملية نُفذت وفقًا للقانون الدولي الإنساني، ولم تسفر عن أضرار جانبية.

بدوره، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، أعلى سلطة تنفيذية في الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليًا، إن قضية الجنوب عادلة وفي صلب مشروع الدولة، لكن لا أحد يملك تفويضًا بديلًا لأهل الجنوب، مؤكدًا أنه “لا يحق لأحد توظيف قضية الجنوب لتحقيق أهداف سياسية”، ومشيرًا إلى أن ممثلي المجلس الانتقالي امتنعوا عن تلبية دعوات الحوار.

وأضاف أن الدولة لم تتقاعس يومًا عن مواجهة التهديد الحوثي، وأنه وجّه بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج أوامر الدولة حرصًا على حقن الدماء، لافتًا إلى أن الدولة معنية بحماية مواطنيها وعدم السماح باستخدام السلاح لفرض أمر واقع.

وجدد الدعوة إلى قيادة المجلس الانتقالي “لتحكيم العقل والانسحاب من حضرموت والمهرة”، مؤكدًا تقدير اليمن للدور الذي تضطلع به السعودية لخفض التصعيد دعمًا للشعب اليمني، ومشددًا على أن اليمن لا يتحمل فتح جبهات استنزاف جديدة.

كما أعلن أنه تم اتخاذ عدد من القرارات بهدف حماية المدنيين والمركز القانوني للدولة، وأنه تأكد قيام الإمارات بشحن سفينتين محملتين بالسلاح من الفجيرة إلى ميناء المكلا، مبيّنًا أنه وجّه بتشكيل لجنة تواصل من قيادة الدولة والمكونات السياسية لاحتواء التصعيد.

وأضاف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أنه تم فرض حظر جوي وبري على جميع الموانئ والمنافذ لمدة 72 ساعة، وأنه وجّه قوات درع الوطن بالتحرك وتسلم كل المعسكرات في محافظتي حضرموت والمهرة.

وأعلن الأخير إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، مطالبًا بأن تخرج كل القوات الإماراتية من جميع الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في كل أراضي الجمهورية بدءًا من اليوم ولمدة 90 يومًا.

وفي ذات السياق، وصف مجلس الدفاع الوطني التحركات العسكرية للمجلس الانتقالي بأنها “تمرد صريح على مؤسسات الدولة الشرعية”، وعبر عن ” تقديره لجهود الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية ورفضهم المطلق لمحاولات فرض أمر واقع بالقوة”.

وأضاف أنه “يبارك القرارات الوطنية التي أصدرها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، ويؤكد التزامه التام بها”، معتبرا أنها “جاءت في لحظة مفصلية من تاريخ بلادنا واستجابة لتطلعات شعبنا.” وأكد على “التزام القوات المسلحة بالتزامها الثابت باستكمال معركة استعادة الدولة وتحرير كل شبر من تراب اليمن.”

على المقلب الآخر، اعترض أربعة أعضاء من مجلس القيادة الرئاسي اليمني على إجراءات رئيس المجلس. وجاء في بيان الفريق طارق صالح، واللواء عيدروس الزُبيدي، واللواء أبو زرعة المحرمي، واللواء فرج البحسني أن هذه الإجراءات تمثل “مخالفة صريحة لإعلان نقل السلطة”، الذي ينص بوضوح على أن مجلس القيادة الرئاسي هو هيئة جماعية تُتخذ قراراتها بالتوافق أو بالأغلبية عند تعذر التوافق، ولا يجيز التفرد باتخاذ أي قرارات سيادية أو عسكرية أو سياسية مصيرية.

وأشار الأربعة إلى أن الإمارات كانت ولا تزال شريكًا أساسيًا في “مواجهة المشروع الحوثي”، وأنها “قدمت تضحيات جسيمة ودفعت أثمانًا باهظة من دماء أبنائها”. وأضافوا أن “محاولة تشويه هذا الدور أو التنصل منه لا تخدم سوى أعداء اليمن، وتعد إساءة للتاريخ القريب وتفريطًا بشراكة ثبتت بالدم لا بالشعارات”.

كما قال رئيس المجلس الانتقالي في وادي وصحراء حضرموت إن الإمارات دولة حليفة وصديقة، معتبرًا أنه “لا يعقل أن نجازيهم بإخراجهم من حضرموت”، مؤكدًا الاستعداد لأي حوار على أساس الشراكة الكاملة مع مناطق الجنوب.

وفي تصريحات للجزيرة، وصف ما جرى صباح اليوم بأنه “اعتداء سافر على حضرموت وأهلها”، مشيرًا إلى أن القيادة الشرعية أصبحت “عدوًا واضحًا” للمجلس الانتقالي، ومتهمًا إياها بالتحريض السعودية عليهم.

وكانت تقارير سابقة قد تحدثت عن وقوع غارات جوية سعودية استهدفت مواقع انفصالية في محافظة حضرموت، فيما دعت واشنطن إلى التهدئة، إذ قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو: “نحث على ضبط النفس ومواصلة الدبلوماسية، بهدف التوصل إلى حل دائم”.

في المقابل، كتب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان على منصة “إكس” أن على المجلس الانتقالي الجنوبي “تسليم محافظتين إقليميتين سلميًا” إلى الحكومة، معتبرًا أنه “حان الوقت، في هذه اللحظة الحساسة، لأن يسود صوت العقل من خلال الانسحاب من المحافظتين والقيام بذلك بشكل سلمي”.

ومع ذلك، أكد المجلس الانتقالي الجنوبي أنه لن يتراجع بعد السيطرة على المحافظتين الغنيتين بالنفط، ومنذ تقدمه، يتجمع أنصار الانفصاليين بانتظام في مدن، بينها عدن، للمطالبة بإعلان الاستقلال، حيث تُنظَّم أكبر التظاهرات كل يوم جمعة.

وقال مسؤول عسكري يمني، الجمعة، إن نحو 15 ألف مقاتل مدعومين من السعودية احتشدوا قرب الحدود السعودية، لكنهم لم يتلقوا أوامر بالتقدم نحو المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون. (EURONEWS)

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.