مشروع القوة العربية ضد من؟

بناء مؤسسات عربية مشتركة ظلت دائما تمنيات، سوق اقتصادية مشتركة، عملة موحدة، جواز سفر موحد، ولم يتحقق منها شيء أبدا، وهذا ما جعل العرب في قنوط من الجامعة العربية.

وقد أعاد وزير الخارجية المصري فكرة بناء قوة عربية مشتركة إلى طاولة النقاش، في وقت ازدادت فرص وظائفها، فهناك ملايين العرب يتوسلون النجدة الخارجية في سوريا واليمن والعراق وليبيا والصومال. وهناك سوريون من اليأس يلجأون إلى إسرائيل بحثا عن ملاذ أو علاج بسبب ما يحدث لهم! ماذا لو كانت هناك قوة قادرة على فرض قرارات الجامعة العربية بالقوة، إن لزم الأمر؟ ماذا لو كان من بين مميزات عضوية الجامعة العربية الالتزام بحماية الدول الأعضاء عند وقوع خطر عليها، من خلال قوتها العسكرية، وليس فقط اتفاقية دفاع مشترك بلا أسنان؟ ماذا لو كان من مهامها أيضا، مواجهة الإرهاب والفوضى وغيرهما مما يهدد استقرار الدول الأعضاء العشرين؟

الدول العربية سعت منذ الأربعينات إلى التعاون العسكري، في مواجهة إسرائيل، لكنهم لم يفلحوا في منع الكارثة، حاولوا لكن كانت إمكانياتهم فقيرة، والتنسيق السياسي بينهم ضعيفا. وأسست الجامعة مرة واحدة قوة ردع تشكلت من عدد من القوات العربية، معظمها سورية، للتدخل في لبنان ووقف المواجهات، إلا أن النظام السوري استخدم علم الجامعة، وصلاحيات القوة ليحتل لبنان باسم حمايته، ولم يخرج إلا بعد أن زاده تفككا ووطّن مفهوم الميليشيات فيه. الفكرة بذاتها بناءة ومهمة، تعطي قيمة لمفهوم الجامعة وتعطي أهمية دولية لها أيضا، ومطلوبة في منطقة تعيث فيها الفوضى، وفي وقت كرهت الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية التدخل العسكري فيها، بعد أن صارت كلفته البشرية والمادية والسياسية عالية.

هذه منطقتنا، ومحكوم عليها باستمرار النزاعات والفوضى التي عطلت التنمية وأشاعت خوف العالم وليس العرب وحدهم. ومن الطبيعي أن توجد الرغبة في وضع الغطاء على مارد الفتن المندلعة. طبعا التدخل والحروب وظائف صعبة ومقامرة خطيرة في كل مرة، لكنها من ضرورات البقاء ومن مهام المؤسسات الأولية مثل الجامعة العربية. وهناك الكثير من الصعوبات أمام تأسيس قوة عسكرية ترفع علم الجامعة العربية، من حيث آلية القرار، وحدوده، حتى لا تتحول القوة العربية إلى جماعة مسلحة تستخدم في تصفية الحسابات السياسية، أو خدمة أنظمة ضد شعوبها، مثل نظام سوريا والسودان. وتشكيل القوة من الدول، وتمويلها، وقيادتها مسائل معقدة ستتطلب تفكيرا يحسب كل الاحتمالات المستقبلية، وبناء على الأوضاع القائمة. الحالة الأولى (التدخل العربي في اليمن)، لها شرعية وأغلبية تؤيد التدخل العسكري، من الحكومات العربية. التدخل في اليمن يمكن أن نقول إنه حالة نادرة، بأن تحصل على شبه إجماع لعملية عسكرية كبيرة لحماية الشرعية التي اعترفت بها الجامعة العربية والأمم المتحدة معا.

الحالة الثانية ليبيا. فيها شرعية؛ برلمان وجيش، لكن بسبب كثرة التنظيمات المعارضة، وخطورة تسليحها، واستيلائها على مناطق واسعة من البلاد صارت الشرعية محاصرة. ومن أجل فرض الاستقرار لن يتم إلا بمحاربة الجماعات المسلحة، المتمردة والمتطرفة، والتي تتطلب تدخلا عسكريا عربيا ضخما. المشكلة أنه لا توجد دولة مستعدة لأن تقوم بما قامت به السعودية في اليمن، مستعدة لشن حملة عسكرية كبيرة ومباشرة.

الحالة الثالثة العراق. فيه حكومة شرعية أقوى ومسيطرة لكنها شبه مغلوبة على أمرها بسبب تسلط الأحزاب المسلحة عليها، وفوق هذا تتعرض لتدخل أجنبي من حكومة إيران. هنا، ليس للقوة العربية مكان فيها، نتيجة التمايز الطائفي وعجز الحكومة عن الوفاء بوعودها، إلى درجة أنها رفضت إشراك قوات عربية جوية في القتال ضد «داعش»، وسمحت لإيران والتحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة، فقط!
الحالة الرابعة سوريا. ففيها حكومة لم تعد لها شرعية، وقد أقصيت من الجامعة العربية. هل التدخل يجوز لصالح نظام محاصر ارتكب جرائم مهولة ضد شعبه أم التدخل لصالح الشعب السوري ضد حكومته، بعد أن تفاقمت مأساته، حيث يعاني أكثر من 10 ملايين إنسان من التشريد، وهناك ربع مليون قتيل؟ لا يعقل – لو كان بحوزة الجامعة العربية قوة عسكرية – أن تتدخل لصالح النظام، ولا يعقل أيضا أن تبقى متفرجة على المأساة، وهنا توجد مشاكل قانونية ولوجيستية ضخمة.

على أية حال فكرة القوة العربية المشتركة ستواجه صعوبات جمة، لكن قوة عربية تمثل معسكرا واحدا بعينه ربما تنجح، مع الحصول على رخصة من الجامعة العربية عند الحاجة.

عبد الرحمن الراشد – الشرق الاوسط

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫4 تعليقات

  1. عبد الرحمن الراشد الكاتب السعودي رئيس تحرير قناة العربية سابقاً..غباؤك وحقدك على سورية يدهشني

  2. شكلوا تحالفاً فاول عمل قاموا به ضرب اليمن ……….!!! ان هذه القوات عندماا احتلت فلسطين ودمرت لبنان اين هي من قصف غزة بالفوسفور الابيض اين هي من احتلال امريكا للعراق واين واين …. كلنا يعرف ان هذا لم ولن يتحقق لان امريكا واسرائيل واعلامها التي ترفرف فوق الاراضي العربية لن تسمح لهم بمجرد التفكير بذلك … هل رايتم الحكام الاذلاء في قمة العهر والخيانة هل استطاع واحد منهم ان يتفوه بكلمة ان ما سميت قوات التحالف العربي ستعيد جنوب لبنان وسيناء والجولان وجلضفة الغربية والقدس والجزر السعودية ووو .ز انهم حثالة كذبة قتلة .. يدعون انهم يريدون اعادة الشرعية الى اليمن لان الحوثين تمردوا على النظام لو سلمنا جدلاً بذلك لماذا لايدعمون الجيش العربي السوري ضد المرتزقة والارهاب الكوني و الذي مولوه ودربوه وجهزوه واغدقوا عليه الاموال وارسلوه لتدمير سوريا .. الم تخرج هذه العصابا المجرمة على النظام وعلى هيبة الدولة .ز لماذا لايساعدون الجيش العراقي في حربه ضد الارهاب … لماذا ولماذا الاف الاسئلة ولا مجيب بل انهم يضعون رؤسهم في الرمال كالانعام … ايها الخونة على من تضحكون الشعلب العربي الان اقوى واكثر كشفاًً لخططكم ومؤامراتكم .عاشت سورية الاسد عاش الاسود في العرين عاش الجيش العربي السوري حماة الديار عاش الشعب العربي السوري العظيم عاشت اصدقاؤنا الروةس والايرانيين وكل من يقف مع القضية السورية العادلة في وجه الارهاب الكوني والخزي والعار لمن باع نفسه وارضه وعرضه بابخس الاثمان الخزي والعار لحكام العرب الانجاس .. وصدق القائد بشار الاسد حين وصفهم باشباه الرجال .. واعتذر منه واقول انهم ابعد ما يكونون عن الرجتال واشباههم … انهم الحثالة انها بلا كرامة انهم الجراثيم التي تستحق الابادة

  3. القوه العربيه ..هي لحمايه الدول الملكيه..وعلى راسها اللمهلكه السعوديه من اي انقلاب

  4. “اعتبر “تسفي برئيل” محلل الشؤون العربية بصحيفة “هآرتس” أن اعتزام العرب إنشاء قوة عربية مشتركة، أمر لا يخيف “إسرائيل، بل يجعلها تطير من فرط السعادة؛ ذلك لأن تل أبيب ترى في هذه القوة جزءًا لا يتجزأ من ركائز أمنها، وعلى الرغم من أن أحدًا لم يدعها للمشاركة في هذا التحالف، فإنها تمتلك فيه أسهمًا ممتازة، على حد قوله.المحلل السياسي لـ “هآرتس” تابع موضحًا: “على مدى أجيال اعتمدت نظرية الأمن الإسرائيلية على السعي للتصدي بنجاح لتحالف عربي وليس فقط لدولة واحدة. وها هو مثل هذا التحالف يتشكل، لكن “إسرائيل” ترى فيه جزءا لا يتجزأ من ركائز أمنها. فحتى إن لم يكن هناك من دعاها للمشاركة في هذا التحالف، فقد اشترت فيه أسهما ممتازة “.سيُسمح للقوة العربية بالعمل في غزة ضد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، والمصنف كتنظيم إرهابي في مصر