المسيحيون و الدرس الدرزي الصعب

للمسيحيين أن يشعروا بالغيرة من الدروز. هم يتداولون بها على الارجح في ضوء مجزرة قلب لوز، في ريف ادلب، وما استدرجته من ردود فعل اقليمية ودولية.

قتل في المجزرة ما بين ٢٠ الي ٢٣ درزياً على يد النصرة، في حادثة غير معروفة التفاصيل. سرعان ما تنصلت منها النصرة نفسها عبر بيان موقع باسم قيادتها. نجح الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في التخفيف من وطأتها وهول دلالاتها، وقطع الطريق على تكبير الحادثة.

لكن يبقى أن حجم الاستنكار الذي استدرجته الجريمة، في بلد باتت المجازر فيه جزءا من سياق الحياة اليومية، مثير للانتباه. المسألة تعدت التضامن المحلي اللبناني مع الدروز عبر وليد جنبلاط اولاً، وبقية الشخصيات المعنوية والسياسية الدرزية. فالاستنكارات رسمت قوساً من تل ابيب الى موسكو على الاقل.

في المقابل لم يحظَ المسيحيون في محنة تهجير عشرات الالاف التي أصابتهم في العراق وسوريا، بمثل ما حظي به ٢٥ درزياً، من تضامن واستنكار سياسيين، ظلا خارج حدود المزايدات الحزبية ومنطق النكايات والفلكلوريات الذي طبع التضامن مع المسيحيين، على سبيل توزيع صور بائسة لمسلح يؤدي التحية لتمثال السيدة العذراء أو ما شابه.

التضامن مع الدروز سياسي وحقيقي وعميق فيما التضامن مع المسيحيين سطحي واعلامي ودعائي. لماذا هذا الفارق؟

جذر المسألة يعود الى القواعد المقررة لما هو رئيسي وما هو ثانوي بين الاقليات. جرت العادة أن تغيب هذه القواعد في تناول مصطلح الاقليات الذي يستخدم اعلامياً وسياسياً، بشكل تعميمي، ويشمل بلا تمييز، كل مجموعة اثنية او دينية او مذهبية قلَّ عددها بالمقارنة مع اكثرية ما مقابلة لها.

تتضح هذه القواعد، في التتبع الدقيق لتقاليد تحالف الاقليات وعلاقاتها، ببعضها البعض. لماذا انتزعت اقليات كالاقلية الدرزية (في لبنان وسوريا وفلسطين واسرائيل)، أو الاقلية المارونية في لبنان، والمسيحية في جنوب السودان، والكردية (لا سيما في المشرق العربي وتحديدا العراق) ما لم تنجح في انتزاعه الاقلية القبطية في مصر مثلاً، او المسيحية في العراق وسوريا؟

لا يختصر سبب واحد الاجابة عن هذه الاسئلة. فشخصية القومية المصرية مثلاً كانت مانعاً أمام تكون شخصية قبطية سياسية حادة. في حين ان صفة الاقلية لا تنطبق الا تجاوزا على الكرد، وفي سياق تناولهم “القطري” ضمن دول عديدة بدل تناولهم كقومية قائمة بحد ذاتها، هي ربما اليوم القومية الاكثر نهوضا وحراكاً وشهية للتعبير عن نفسها بالمعنيين السياسي والكياني.

مع ذلك يبقى ثمة عامل مقرر لا يجوز تغييبه في تناول اكتساب الاقليات أهميتها او هامشيتها، وهو مدى هيمنة أقلية دون أخرى على بقعة جغرافية متكاملة. ولئن كانت الاقليتان الدرزية والمارونية مدركتين بحدة لهذا العامل، كانت حروبهما البينية الاكثر ترجمة الى معطيات جغرافية من خلال سياسات التهجير والتهجير المضاد. وهما، في لبنان، على الاقل، الأكثر حدة في التعبير عن الضيق والخوف من مسألة شراء العقارات في “مناطقهم” من مذاهب وطوائف أخرى.

فهما ما اكتسبتا ادوارهما الاقلوية الا بمدى حرص كل منهما على حماية الكيانية الجغرافية للطائفة.

بل إن الاقليات، في سياق بناء تحالفاتها، لم تبنِها الا على هذه القاعدة اولاً. فعندما اهتمت اسرائيل، بتطوير علاقاتها مع الاقليات أهملت الاقليات البلا-جغرافية، في مقابل اهتمامها بتلك الحائزة على هذا الشرط. وهو ما كان العامل المقرر في مد الجسور مع موارنة ودروز لبنان (وشيعة لبنان في مراحل مبكرة) وصولا الى مسيحيي جنوب السودان وأكراد اقليم كردستان العراقي.
نجح وليد جنبلاط، بتفاوت، في الاحتفاظ بزعامته على الدروز، في لبنان وسوريا والاردن واسرائيل (أو فلسطين لذوي القلوب القومية الضعيفة!)، وظل على الدوام مدركاً لدوره كزعيم اقلية، تتجاوز زعامته ومسؤوليته حدود لبنان. ساعده، الى أحادية الزعامة السياسية والصفاء المذهبي، الانتظام الجغرافي للدروز في كيان متناسق نسبياً، وفي وجودهم ضمن دولهم في كيانات جغرافية معرفة بدقة.

الاقلية الدرزية اقلية صاحبة جغرافيا وأمامها فرصة لاستعادة الدور. ولو قيض لمناورة وليد جنبلاط ان تنجح سيكون الدروز هم من سيكتب عنهم التاريخ أنهم اسقطوا نظام آل الاسد.

في المقابل لم ينجح المسيحيون اللبنانيون في تشكيل رافعة سياسية للمسيحيين في المنطقة. فالزعامة المارونية اللبنانية، غارقة في كيانيتها اللبنانية، ومشتتة على صعيد جغرافيتها وتعدد قيادتها السياسية. وهي عاجزة، مذهبياً، عن قيادة الاغلبية الارثوذوكسية للمسيحيين خارج لبنان. لهذا بقيت الاقلية المسيحية في المنطقة، على عكس الدروز، بلا غطاء يحمي دورها، ويجيش للدفاع عنها في المحن والملمات. فاقم من ذلك تضاؤل الدور الماروني لبنانياً، الذي كان يمكن له في ظل معارك الوجود أن يجسر الهوة المذهبية مع الارثوذوكس ويعطي صوتاً للمسيحية المشرقية والمخاطر المحدقة بها.

للمسيحيين أن يغاروا من الدروز. ولهم ان يتعلموا أيضاً. أن يتعلموا اعادة انتاج الادوار الحقيقة، الأبعد من الكيدية الريفية التي تهمين على عقل المارونية السياسة في لبنان اليوم. والا فليتنعموا بشرفة دونكيشوت الرابية فيما تنهار آخر ورقة بيد المسيحيين من سواحل الهند إلى شواطئ المغرب!

نديم قطيش – المدن

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫7 تعليقات

  1. الدروز معهم إسرائيل.
    للأسف ما يحرك الغرب وأمريكا هي المصالح. دماء الأبرياء لاتعنيهم. شاهدوا ماحدث من حادث غريب في إدلب ولايخلو من أصابع الاسد.
    والغرب لم يرى جرائم البكك ومئات الألاف على الحدود بنفس الوقت
    دم المسيحيين لايعنيهم كثيرا والكل شاهد كيف قتل المجرم بشار الكثير من المسيحين ببراميله.

  2. يا خييي الدروز كلهم تحت راية المقاومة و السيد حسن والشريف وهاب و ارسلان .

    1. خسئت يا مخنث ..واحد متلك خنيث بيكون تحت
      بنو معروف طول عمرهم من فوق ..فوق أبناء المتعة وغلمان حسن زميرة وقرود القرداحة

  3. لا ادري لماذا اشعر ان عالم قذر لدريجه مقرفه يطالبون بعدم لارهاب ويقتلون بشكل جماعي اقول لكم صحيح ان لاسلام هو حل ولكن هناك اشايء يجب علينا لاعتراف بها بعد تجارب وتريخ مرير الذي مررنا به ونمر به اليوم لامم تكتب تاريخ بدماء وليس بتمني اليوم في سوريا الحبيبه مللنا ونحن نقول للجميع انتم سورين وانتم اخوت لنا حتى طفح كيل ولم يعد هناك شيء اسمه انت اخي ابدا نتهت هذه مرحله لماذا يجب على لاكثيره ان تلاطف لاقليه لماذا ؟؟؟ نحن نقول للاكراد انتم اهلنا ونحن نعلم بما لا يدع مجال للشك ان لاكراد يريدون دوله لوحدهم على حساب دماء غيرهم لن اجامل احد بعد اليوم ابدا الاكراد يستغلون وضع سوري ويهجرون عرب وتركمان من مناطق شماليه على امل اقامه حكم لهم ودروز يصمتون على قتل سورين سنه ويلتزمون حياد ويطلبون منا عدم لمسهم ويحلمون ايضا بشي ما ونحن يجب علينا ان نقدم وندفع دماء دفاع عنهم ومسيحين يلتزمون صمت ويطلبون نفس مطالب وهم يد واحده مع علوين وشيعه ضد غلبيه سكان سوريا سنه ليس هذا نفاق ما بعده نفاق لا لن نرحم من يستغل وضع مهما طال زمن من يصمت او يستغل وضع عليه دفع ثمن نحن غالبيه ولن نرحم احد بعد اليوم لتجتمع لاقليه مع بشار لاسد ضدنا وسنرى من منتصر نعم حرب فرضت علينا غصب ونحن انشاء الله لها ونقدم غالي ونفيس في سبيلها لاكراد كل يوم يتغنون بكردستان وينسبون كل بطولات لنفسهم رغم انهم لا شيء ودروز ايضا مللنا من اسطوانه باشا لاطرش فقد اصبح اليوم اخرس مسيحي مللنا من حوار لاديان لماذا علينا نحن ان نقدم تنازل تلو لاخر ليفعل لاكراد ما يستطيعو ان يفعلو ودروز ايضا وغيرهم من لاقليات سنسحق كل من جرح سورين ووقف في لحظه محنه بجنجره يقطع شيء من لحوم سورين يلقتات عليه نعم لنكون ارهابين سنشعل منطقه باسرها لن يبقى حجر على حجر لتحترق كل لارض لن نموت وحدنا ابدا ليكن بعدها طوفان سئمنا كذب لاقليات تنامون في حضننا وتنتفون ذقننا ليكن كما قالها عمليكم لاسد اما نحن او تحرق لارض كلها ليكن ما يكون ليقول جميع اني طائفي لوكنها حقيقه التي يجب ان نصحو عليها دائم نحن ملزمون ان نقدم تضحيات واول من يستفيد هم لاقليات ليذهبو الى جهنم ليحترقو ويحترق معهم عالم لن يكون هناك شي اسمه كوباني اسمها عين عرب لن يكون هناك شي اسمه حبل دروز اسمه جبل عرب لن يكون هناك ي نخسره ان ستطعتم ان تقيمو دولكم ففعلو ولننا نعدكم بسيل من دماء موت قادم للجميع وليس لنا وحدنا

  4. شو يا عمي فيدي مينو هيدي سيد حسين و الشريب وهيب و ارسلين؟؟ شو بالظاهير شبيب الشميل ما دقوك الأبري البارحة؟ ولا عيارها كان قليل ؟دير …(بيلك )من الدروز هنن كمينا مش هينين حسب ما سمعيت لحتى عميميتكون يحطولكين ياهن بمكين تيني . وبعدينا عوي على كيفك حتاني تنفزر. مو ناقصنا غير طنطات بسوريا ,رجال العز هنن من سوريا الله يرحم أيام ما كنا نآوي بناتكون ونسوانكون بحربكون مع صديقتكون إسرائيل والله لولا الشعب السوري كانت إسرائيل شخت علحية أبوك وأبو نص فرنك تبعك.

    1. يا خييي من طول عمرهم الدروز عملاء لسرائيل حتى كسر القاعدة الشريف وهاب و جمعهم تحت راية السيد . بعدين مش حلوة هيك كلام و لوووووووووووووو , أحنا ايد واحدة على داعش.

  5. ركبت ركب الثورة منذ البداية…ولكن عندما وجدت أن الثورة تنقلب إلى الأسلمة تركتها..وبسبب كرهي لبشار اخترت الهجرة لأن الثورة كشفت لي ولكل مسيحيي سوريا والعراق أنه لا يمكن التعايش معكم ( التعايش في الاعلام مجرد تلميع صورة)… المسيحييو اختارو الهجرة.. ومن يعرف المسيحيين يعرف أنه لم يبقى منهم في سوريا أكثر من 50% ممن كانو فيها قبل الثورة…. فلا الأسد ولا الثوار يمكن أن يتقبلونا…. مبروك عليكم… ونتمنى لأجيالنا في بلاد المهجر أن تنسى أن أصلها من سوريا…