فخ الولايات المتحدة الأمريكية لسوريا

مستقبل سوريا على المدى المتوسط والبعيد بات أشبه بمعادلة مجهولة. فهناك عدّة أطراف فاعلة وناشطة على الساحة السورية، وإنّ علاقة هذه الأطراف ببعضها متغيّرة وتتبع سياسات الخارج.

لكن علينا أن نتفق على أمر ما، وهو أن السياسة الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط مبنية على افتعال الفوضى، وذلك منذ ثلاثين عامًا على أقل تقدير.

ففي عام 1979 ومع قيام الثورة الإسلامية في إيران، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالزّج بصدام حسين في حرب طويلة مع الإيرانيّين. وكانت هذه المعركة هي الخطوة الأولى لتنفيذ مشاريعها القائمة على أساس الفوضى الخلّاقة في منطقة الشرق الأوسط. وبعد ذلك بدأت الولايات المتحدة في تعميق حالة الفوضى المنتشرة في هذه المنطقة وبدأت تستغلّ كل الفرص من أجل تحقيق ذلك. وكان كل مشروع من هذه المشاريع أدهى وأمرّ من سابقه ويأتي بويلات على المنطقة أكثر من ذي قبل.

لقد اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بأنّها شنت حرباً ضروساً ضدّ العراق عام 2003 وذلك استنادا على أدلة وبراهين مزيفة. ومن مخلّفات هذه المعركة غير العادلة أن وصلت الأمور إلى تغيير حدود بعض دول المنطقة، بل إلى تغييب بعض الدول من خارطة العالم. فلو نظرنا إلى خريطة الشرق الأوسط الآن، لوجدنا أن بعض الدول في هذه المنطقة أصبحت بحكم الملغاة أو تضاءل تأثيرها إلى حد عدم الإحساس بوجودها. وإنّ العراق وسوريا والصومال وأفغانستان واليمن وليبيا خير دليل على هذا الكلام. وإنّ جميع المشاريع المستقبلية التي تعتمد في استمراريتها على السياسة الأمريكية أو تأخذ من هذه السياسة نموذجاً للاقتداء بها، فإنّها مشاريع محكوم عليها بالفشل.

إنّ ادعاءات الولايات المتحدة الأمريكية جلب الديمقراطية إلى منطقة الشرق الأوسط وتقديم الدعم لثورات الربيع العربي، أكذوبة لا يمكن لعاقل أن يصدقها. وليس هذا فحسب، بل إنّ كل مشاريع الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المنطقة سواء الإيجابية منها والسلبية تحمل في طياتها نوايا خبيثة تجاه المنطقة وشعوبها.

فعلى سبيل المثال: كان قيام الولايات المتحدة الامريكية بدعم الحرب العراقية ضدّ إيران من أجل اسقاط الثورة الايرانية الإسلامية أيضاً كذبة وألعوبة من قِبل الإدارة الأمريكية. لأن الولايات المتحدة عندما شعرت بأن إيران أصبحت على وشك الانهيار أمام قوات صدام، بدأت بدعم الخامنيئي سراً وأمدّته بالسلاح والذخيرة عام 1985. وقال حينها أحد أشهر الساسة الأمريكيّين قولته الشهيرة، والتي هي كالتّالي: “دعوهم يطحنون بعضهم حتى ينتهي الطرفان”.

والحالة المصرية كذلك، فقد أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها على أنها راضية عن رحيل حسني مبارك ومجيء محمد مرسي على كرسي الرئاسة، إلا أن هذه الدولة نفسها سمحت لعبد الفتاح السيسي بإجراء انقلاب عسكري على مرسي. وبذلك تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من ترسيخ الفوضى في مصر أيضاً.

والسياسة الأمريكية المتبعة تجاه القضية السورية أيضاً مبنية على أساس نشر الفوضى. ففي العلن يبدو أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تعادي نظام الأسد وتقوم بتدريب وتأهيل المعارضة التي تقاتل قوات الأسد في سوريا. غير أن وزير الدفاع الأمريكي ورئيس هيئة أركانه أعلنوا أنّ مسألة تدريب وتأهيل المعارضة السورية المعتدلة، ليست من أجل محاربة بشار الأسد وجنوده، إنّما من أجل القضاء على تنظيم الدّولة داعش فقط. ولا يخفى على أحد أنّ طائرات التحالف وطائرات الأسد تتناوب فيما بينها لقصف المناطق في سوريا. فقد رأينا عدّة مناطق مأهولة بالسكان، تناوبت على قصفها طائرات الأسد وطائرات التحالف الدولي بقيادة أمريكا.

وعلينا أن لا ننسى أنّ الضباط الروس هم من يديرون منظومة الدفاع الجوي السوري وهم يعملون بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا واضح للعيان ويعلمه الجميع.

كاياهان أوغور – صحيفة أكشام – ترك برس

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. مع صحة هذا الكلام دعونا لا ننسى استخدام الدول العربية كلها تقريبا وبالاخص الخليجية التي كانت تابعة في قرارها السياسي الى الامريكان في نشر الفوضى ان كانوا يعلمون ام لم يعلموا.. خذ مثلا حرب الخليج الاولى ثم حرب غزو العراق ٢٠٠٣ التي كانت فاصلة في تشتيت الكيان العربي وترك الساحة لايران حيث كانت الدول العربية تدخل في مشاريع امريكا على ابو عماها دون النظر في المآلات.. الاخطر الان مشاركتها في التحالف على داعش دون المساس بالنظام السوري المجرم… فهو وايران المستفيدان حتى الان مع بعض الاكراد وامريكا تريد اطالة ازمة سوريا بحجة قتال داعش… هناك بداية انشقاق عن القرار الامريكي ممثلا بالسعودية وهذا جيد جدا ولكنه ليس كافيا حتى الان والقرار التركي اكثر استقلالا ووعيا لما يحاك للمنظقة