هل تتجه ألمانيا نحو تقنين استهلاك القنب الهندي ؟

تحتضن برلين للمرة التاسعة عشر المظاهرة السنوية للمدافعين عن تقنين استهلاك مخدر الحشيش. فمنذ عام 1997 يحرص المطالبون بتقنينه على تنظيم هذه التظاهرة في العاصمة الألمانية. وفي العام الماضي وصل عدد المشاركين إلى 6500 شخص، طالبوا ب”تقنين القنب الهندي في ألمانيا كمادة خام ومادة طبية ووسيلة للمتعة”، حسبما جاء على موقع المشرفين على المظاهرة.

ويبدو أن مساعي النشطاء لتقنين الحشيش بدأت تؤتي ثمارها، وأصبح الحديث عن “سياسة المخدرات” يتزايد وطنيا ودولياّ، ويتزايد معه عدد الناس الذين يتحدثون عن فشل سياسة الحظر القمعية. فالقنب الهندي متاح في الولايات المتحدة الأمريكية في محلات بيع خاصة تنتشر في نصف الولايات، بعد أن تم الاعتراف بالقنب الهندي كعقار طبي. وتم تقنين القنب الهندي في أربع ولايات بدون تقييد.

وتعتبر الأوروغواي أول بلد يقنن استهلاك القنب الهندي بشكل كامل من مرحلة زراعته إلى مرحلة استهلاكه. وفي أيلول من عام 2014 وجه الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان نداء مثيرا للأمم المتحدة دعا فيه إلى نهج سياسة أكثر ليبرالية بخصوص المخدرات. وقال عنان إنه من المفيد للإنسانية إعطاء الأولوية للصحة وليس لمتابعة مستهلكي المخدرات من أجل معاقبتهم. وفي أوروبا، فقد تخلت بعض الدول كالبرتغال، وإسبانيا، وجمهورية التشيك عن متابعة مستهلكي القنب الهندي. أما في هولندا فالحشيش والماريغوانا متاحان وبسهولة منذ عقود في مقاه خاصة.

في ألمانيا أيضا يجري الحديث حاليا عن تقنين الحشيش. فففي ال20 من شهر آذار الماضي ناقش البرلمان الألماني مشروع قانون مراقبة القنب الهندي. وفي منتصف شهر أيار وافق المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الليبرالي بأغلبية ساحقة على تقنين استهلاك الحشيش.

وفي منتصف تموز كان كارستن زيلينغ من الكتلة الاشتراكية أول رئيس ولاية ألمانية يتحدث عن تقنين استهلاك الحشيش. وبعد بوقت قصير حصل كارستن زيلينغ على دعم وينفريد كريتشمان زعيم حزب الخضر في ولاية بادن فورتمبيرغ. كما ظهرت أصوات داخل الحزب الاشتراكي الديموقراطي، كبيتينا مولر الخبيرة في المجال الصحي، تدعوا لتقنين تداول واستخدام الحشيش في ألمانيا.

لكن النائبة البرلمانية مارلينه مورتلار من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي بولاية بافاريا تعارض ذلك بشدة. وقالت في حديث مع DW خلال شهر تشرين الثاني من العام الماضي: “القنب الهندي مادة مسكرة يؤدي إساءة استعمالها إلى أضرار صحية كبيرة لا سيما في صفوف الشباب”. وحتى وزير الصحة هيرمان غروهي من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فهو ضد أي تحرك في اتجاه تقنين القنب الهندي.

ومع ذلك، فحتى داخل الفريق البرلماني للاتحاد الديمقراطي المسيحي ظهر صوت مع تقنين الحشيش، ويتعلق الأمر بالنائب برلماني يواخيم بفايفر الذي يدعو إلى إجراء تحول كامل في السياسة المتبعة تجاه المخدرات. ففي منتصف شهر أيار توجه برفقة البرلماني ديتر ينيك من داخل صفوف حزب الخضر بورقة إلى الحكومة الألمانية طالبا فيها بتقنيين استهلاك القنب الهندي في السوق الألمانية. وحسب البرلماني يواخيم بفايفر فإن الدولة تنفق حوالي ملياري يورو على قضايا متابعة مستهلكي الحشيش، ومع ذلك فهذه الأموال والجهود لا تقلل من درجة الإقبال على استهلاكه. ويتوقع البرلماني يواخيم بفايفر أن يدر سوق الحشيش القانوني حوالي ملياري يورو من الإيرادات الضريبية.

من جانبه ينتقد هوبير فيمبر رئيس شرطة مونستر المتقاعد، سياسة حظر الحشيش. ويعتبر فيمبر في مقابلة مع DW أنّ تجريم استهلاك الحشيش كان خيارا خاطئا. أما لورينز باند أستاذ القانون الجنائي فتحدث عن ضرورة “إعادة التفكير جذريا في سياسة المخدرات”، مضيفا في حديث مع DW “أن القانون الجنائي ليس الطريق الصحيح”، مؤكدا على ضرورة علاج المدمنين وتقديم النصائح لهم بدلا من التجريم.

وفي عام 2013 أطلق لورينز باند مبادرة لأساتذة القانون الجنائي لمطالبة البرلمان الألماني بإعادة النظر في السياسة الزجرية الحالية في وجه مستهلكي المخدرات. ووقع أكثر من نصف أساتذة القانون الجنائي الألمان على المبادرة. وبالإضافة إلى أساتذة القانون الجنائي وجه موظفو شرطة الجرائم الاتحادية في شهر تشرين الثاني من العام الماضي رسالة من 18 صفحة للجنة الصحة داخل البرلمان الألماني، انتقدوا فيها سياسة المخدرات وطالبوا بإعادة النظر فيها.

وتؤكد أحدث الاستطلاعات في ألمانيا وجود اتجاه نحو تقنين القنب الهندي، رغم أنه لا توجد بعد أغلبية مطلقة. ووفقا لاستطلاع أجرته مجلة “شتيرن” فقد عبر 37 بالمائة من المستطلعة آراءهم في تموز الماضي عن موافقتهم على تقنين الحشيش، مقابل 30 بالمائة في العام الماضي .

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. الكحول اخطر بكثير من الحشيش… والحشيش اي الماريجوانا نبات طبيعي وبالفعل يفيد في عدة حالات مرضيه نفسيه وفيزيولوجيه لكن كل شيء وله حدود… الأمر لايدعو للتحشيش بدون حدود ولأن يوجد نسب محدده لأخذ هذه المادة وليس بالضرورة عن طريق التدخين وهي مناسبة لعلاج الإكتئاب والشقيقه وفتح الشهية والاسترخاء….
    بالمناسبه كل شيئ يتعدى الحدود المعقوله يصير مضراً بما في ذلك الغذاء والدواء والمشروبات…….
    في البرتغال بعد السماح بالماريجوانا انخفضت نسبة الاستهلاك خمسين بالميه!!! عجيب اليس كذلك.