حرب الروس في سوريا .. عسكريّة أم دعائيّة ؟

“سوريا أرضنا. من هناك نشأت الحضارة. لو لم تكن #سوريا موجودة، لما وجدت المسيحيّة الارثوذكسيّة ولا #روسيا”. بتلك الجملة يختصر سيميون بغدساروف، المحلّل السياسي المقرّب من الرئيس الروسي #فلاديمير_بوتين، حرب #الكرملين في #سوريا.

تلتزم #روسيا ككل الدول في حالة الحروب، دعاية إعلاميّة حربيّة تبدأ بتقديس المهمّة التي من أجلها شنّت حربها وصولاً الى إلقاء الضوء على فاعليّة الغارات التي تستهدف المراكز العسكريّة. فإقناع الشعب الروسي بأهمّية الحرب في سوريا، ليس بالامر السهل. إذ قبل نقل الدعاية الاعلاميّة الروسيّة من #أوكرانيا الى الداخل السوري، 14% فقط من الروس كانوا يؤيّدون العمليّات العسكريّة في سوريا بحسب استطلاع أجراه مركز ليفادا في أواسط شهر أيلول الماضي.

الغرب يتّهم الروس بالتقصير والتواطؤ في مجالات كثيرة، أهمّها أنّ بوتين لا يريد ولا يقصف “#داعش” بل فقط يستهدف “الجيش السوري الحر” والفصائل المعتدلة داخل المعارضة. ويتّهم السلطات الروسيّة أيضاً بإيصال معلومات كاذبة الى الشعب الروسي. مراسل “الاذاعة الوطنيّة العامّة” في موسكو كواري فلينتوف يقول للاذاعة نفسها أنّ معظم الشعب الروسي يحصل على معلوماته من وسائل إعلاميّة متلفزة تسيطر عليها السلطات، لذلك فإنّ هذا الشعب لا يسمع انتقادات مستقلّة للسياسات الحكوميّة. ويعتقد فلينتوف أنّ الرئيس السوري #فلاديمير_بوتين يريد أيضاً السيطرة على صياغة السرد العالمي لضرباته في سوريا.

موقع “ذا ديلي بيست” الاميركي يصف السياسة الروسيّة “بالهوس الانتصاري” الذي يركّز على السياسة الخارجيّة الروسيّة، لأنّ تلك الداخليّة “حاضرُها ومستقبلها كئيبان”. وبالتالي يقول الساسة الروس لشعبهم:”أنظروا الى هنا لكن لا تنظروا الى هناك”. ويستشهد الموقع بكتاب:” لا شيء صحيحاً، وكلّ شيء محتمل” لصاحبه بيتر بوميرانتزيف الذي يصف السياسة الروسيّة بكونها “اختبار لعلاقات عامّة إعلاميّة يديره مجانين ومخادعون”.

موقع “غلوبال ريسرتش” على العكس، يتحدّث عن دعاية غربية مضادّة تنفّذ ضدّ روسيا. فأحد الاشرطة التي يتمّ تداولها عن قصف الروس لمدنيّين سوريّين تظهر أن “لا أدلّة على وجود ضحايا من المدنيّين بين الابنية التي قصفت، حيث هنالك ذكور فقط في سنّ الحرب”. بينما يعيد الموقع التذكير بالمدنيّين الذين سقطوا في قصف التحالف في 23 أيلول و28 كانون الاوّل و30 نيسان من العامين الماضي والحالي، حيث سقط في تلك الايام فقط 106 مدنيّين من بينهم 38 طفلاً.

تلفزيون “روسيا اليوم” أعدّ تقريراً تحت عنوان:”بروباغاندا حربيّة هائلة لتشويه سمعة الجهود الروسيّة في محاربة الارهاب داخل سوريا” حيث قابلت القناة ماكس أبراهام الذي أكّد وجود وجود دعاية حربيّة تخوضها الولايات المتّحدة ضدّ الروس، حيث أنّ غالبيّة الشعب الاميركي بدأت تميل ضدّ التدخّل الروسي في سوريا. أبراهام، الاستاذ المحاضر في جامعة “نورث إيسترن”، والذي أشار الى أنّه كان من أوّل الداعين الى تحالف بين #واشنطن و#دمشق و#موسكو من أجل ضرب “#داعش”، شدّد على أنّ روسيا “أعلنت بصدق وانفتاح نيّتها إنقاذ العالم من إرهاب تنظيم “#الدولة_الاسلاميّة” ومجموعات جهاديّة أخرى”.

موقع “زيرو هيدج” الالكتروني يشير الى أنّ الدعاية الاعلامية الحربيّة يخوضها الطرفان كلاهما من أجل صياغة رأي عام تفيد بأنّ المعركة هي فعلاً من أجل كسب ميزان القوى في #الشرق_الأوسط.

صحيفة “موسكو تايمس” الروسيّة تعترف بأنّ إقناع الغربيّين بسياسات موسكو “معركة شاقّة” على عكس إقناع الشعب الروسي الذي سيؤيّد #بوتين مهما قال هذا الاخير. ففلسفة البروباغاندا الروسيّة، كما تصفها الصحيفة، ترتكز على مهاجمة الغرب وتقويض أخبار قادته و”لا تهدف الى إيصال الرسالة الروسيّة له”.

المحلّل في الشؤون الاعلاميّة فاسيلي غاتوف يقول للصحيفة أنّ “أقوى أدوات الكرملين هي قناة “روسيا اليوم” التي تعمل وفق نموذجها الخاص”. وعن هذا النموذج الخاص يتابع فاسيلي قائلاً: “الجميع يكذب ولا يوجد حقيقة”. لكنّ “هذه التقنية لم تكن مفيدة، ومن غير المحتمل أن تفيدها في المستقبل”. وبالمقابل نقلت الصحيفة عن نيل كلارك، الصحافي البريطاني في القناة قوله:” الحملة الهستيريّة المناهضة لروسيا مثبطة للهمم، لكنّها لم تعد مفاجئة”.

غاتوف من ناحية أخرى رأى أنّ الوسائل الاعلاميّة الغربيّة “قد تكون مشكّكة بأفعال #روسيا في الميدان السوري، لكنّها لا تملك التنسيق الذي أبدته وسائل الاعلام الروسيّة في العمل على المسألة كأنّها تلقّت الأمر بذلك”. ويشدّد على أنّ الاعلام الغربي تابع الأزمة السوريّة منذ فترة طويلة على عكس الاعلام الروسي.

وبغضّ النظر عن الصراع الدائر بين الاعلامين الروسي والغربي، إلّا أنّ ما يلفت النظر في الاعلام الموالي لموسكو، القدرة على تغطية الاحداث العسكريّة والغارات الجوّيّة بتقنيات عالية الجودة ومن خلال زوايا مختلفة. ولكنّ هذا الامر لا يمرّ بدون تساؤلات حول التعليقات التي يطلقها الاعلام الروسي على الاشرطة. فكتابة وكالة “سبوتنيك” الروسيّة عن أنّ “#داعش” في مشكلة كبيرة، وأنّ الارهابيّين محاصرون من جميع الجهات بالغارات الجوّيّة، ومنهم من يخلون مواقعهم، فيه دعاية سياسيّة واضحة أو على الأقلّ مبالغة كبيرة. إذ لا يمكن، حسابيّاً، أن تتفوّق #روسيا على جميع دول التحالف عسكريّاً وأن تنجز في بضعة أيّام ما عجزت عن إنجازه جميع هذه دول في سنة وأكثر.

صحيح كما تذكر الوكالة أنّ التنظيم بحاجة لمنافذ بحريّة وأنّ الروس سيمنعونه من الوصول اليها. لكنّ الصحيح أيضاً أنّ محاربة ارهاب “#داعش” تتطلّب تغييراً فكريّاً استراتيجيّاً عسكريّاً وسياسيّاً. فلو كانت الطائرات الحربيّة وحدها كافية، لكانت قوّات التحالف أنجزت المهمّة منذ زمن بعيد. والخلاف بين الدول الكبرى على الأولويّات في #سوريا، سيطيل عمر هذا التنظيم قبل أن يتمّ دحره في النهاية. أمّا موعد هذه النهاية فمتروك على الارجح لما بعد التوصّل الى بلورة اميركيّة روسية مشتركة لمقتضيات فترة انتقاليّة سوريّة محدّدة الاهداف، وواضحة المعالم والادوار والتواريخ.

جورج عيسى – النهار

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. الاعلام السوري خاصة و العربي عامة خاصة اعلام أدعياء المقاومة و الممانعة تعلم الكذب في مدرسة ( الاعلام السوفيتي )
    فعبد الناصر انتصر في حرب 1967 و طائرات اسرائيل سقطت كلها بينما الحقيقة ان اسرائيل احتلت سيناء و الجولان و غزة و الضفة و القدس
    و جيش صدام حسين دحر المعتدين الامريكان و طردهم خارج البلاد بينما الحقيقة ان المعارك كانت تدور في مطار بغداد