قرار سعودي واقعي

قرار السعودية برفع سعر البنزين٤٠ في المئة يشير إلى سياسة حكيمة لترشيد الاستهلاك النفطي الداخلي الذي هو منذ سنوات عند مستوى مليونين إلى ثلاثة ملايين برميل في اليوم من الإنتاج النفطي السعودي الذي يبلغ حالياً حوالى ١٠ ملايين برميل في اليوم. إن رفع سعر البنزين في المملكة سيؤدي إلى توفير كميات النفط من هذا الإنتاج لتصديرها بدل استهلاكها محلياً، فالعمل على كفاءة استخدام الطاقة النفطية محلياً في السعودية في وقت وصل سعر برميل البرنت في الأسواق إلى ٣٧ دولاراً هو قرار جيد، لأنه يؤدي إلى زيادة كميات النفط للتصدير. والسعودية تبذل جهوداً لإنتاج وتطوير الغاز الصخري وغير الصخري لاستخدامه محلياً لتوفير الكميات من النفط التي تستهلك داخل البلد بشكل كبير.

ربما يواجه القرار السعودي بعض التذمر من المواطنين الذين تعودوا على أسعار بنزين منخفضة ولكنه قرار شجاع من قيادة تريد الحفاظ على ثروة البلد وعلى مستوى عائدات تستمر في تأمين خطط النمو للمواطن السعودي التي وضعتها المملكة. إن هذا القرار كان منتظراً، نظراً للاستهلاك الكبير للنفط داخل المملكة، وهو قرار أساسي من بين الإصلاحات التي أعلنها أول من أمس الملك سلمان بن عبد العزيز للسيطرة على عجز الموازنة مستقبلياً.

يشهد قطاع النفط العالمي في نهاية هذه السنة تطورين أساسيين، رفع سعر البنزين في السعودية وتصويت الكونغرس الأميركي على إلغاء منع تصدير النفط الأميركي الذي كان قد وضع في ١٩٧٣ إثر الحظر العربي على تصدير النفط وكانت الولايات المتحدة تريد حماية استهلاكها المحلي. الآن أصبحت الولايات المتحدة مع ثورة النفط الصخري من أكبر منتجي النفط في العالم ولكن نظراً لانخفاض سعر النفط في الأسواق العالمية وارتفاع كلفة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة نسبة إلى كلفة إنتاجه في السعودية، لن ينافس النفط الأميركي السعودية في أسواق آسيا، وتحديداً في الصين أو في أوروبا. فنقل النفط الأميركي سيبقى مرتفع الكلفة نظراً لبعد أميركا. وستبقى السعودية في طليعة منتجي العالم، وهي تزود حوالى ٨٠ زبوناً تربطهم بالمملكة علاقات تجارية مستمرة. ولكن الأمر مختلف بالنسبة إلى المنتج الضخم الآخر، وهو روسيا، التي تعد بين أكبر منتجي النفط، فهي تعاني نتيجة انخفاض أسعار النفط والعقوبات الأوروبية من كساد اقتصادي وأزمة لا مثيل لها تجعل وزير النفط الروسي يدلي بتصريحات يتهجم فيها على السياسة النفطية السعودية مطالباً إياها بخفض إنتاجها، في حين أن روسيا لم تلتزم يوماً بأي اتفاق مع «أوبك» لتخفيض الإنتاج.

إن السعودية ستبقى منتجاً ومصدراً أساسياً للنفط في العالم بسبب احتياطيها الضخم، وهي الآن تطبق سياسة الحفاظ على هذه الثروة للأجيال القادمة ويجب النظر الى قرار رفع سعر البنزين فيها من منطلق سياسة نفطية واقعية ومنطقية، رغم أنها لن تكون شعبية. إن ٤٠ في المئة نسبة قد تبدو مرتفعة للسائق السعودي الذي اعتاد سعر بنزين منخفضاً جداً مقارنة مع دول أخرى ولكنها نسبة مطلوبة كي يكون لها تأثير على الاستهلاك المحلي وإيقاف الهدر في الاستهلاك. إن سعر البنزين في فرنسا مثلاً لا ينخفض مع انخفاض سعر النفط لأن الدولة تفرض ضرائب مرتفعة على استهلاكه لزيادة عائداتها. ورفع سعر البنزين في السعودية يهدف بشكل مختلف إلى رفع عائدات الدولة عبر زيادة كميات النفط للتصدير ويساهم في الحد من العجز ويمثل خطوة كانت منتظرة لجهة كفاءة استخدام الطاقة.

رندة تقي الدين – الحياة

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫7 تعليقات

  1. لبنانية مأجورة وحقيرة. متل أبواق بشار. كلشب بيعملو طويل العمر صح واستراتيجي. عكس السير ليش ناشرين هيك زبالة؟

  2. ههههه قرار حكيم.
    قلتلي ترشيد الاستهلاك.
    مافي حل تاني غير رفع اسعار البنزين و الطلب من المواطز السعودي الدفع لأمراء السعوديه مشان يكملو عبث بلبلاد.

  3. سعر البنزين الجديد هو العودة لأسعار مشابهة لما كانت عليه في عام 2006 الذي أصدر الملك عبدالله قراراً حينها بتخفيضه والآن بعد 10 أعوام عادت الاسعار مع أنخفاض اسعار النفط وبالتالي انخفاض الموارد السعودية والعجز الهائل الذي شكل هذا العام ما نسبته 67 % والسنة القادمة سيصل الى 60 – 64 % ..
    رفع أسعار الطاقة والبنزين ، كان حلاً صعباً ولكنه مطلوب ، وتذمر المواطنين مفهوم ولكنه غير محبب نظراً لعدم وجود أي ضريبة بدفعوها ..

    رغم معارضتي لها وحزني الكبير لتعمد السعودية ومسؤليتها عن انخفاض النفط ولكنها فعلته لتخرج صناعة النفط الصخري الأمريكي من الأسواق ( والذي لو بقي لتدهور الاقتصاد السعودية نظراً لسماح الكونغرس لتصدير النفط الامريكي وبالتالي ستسغني أمريكا عن طلب النفط السعودي ) وأيضاً فرحي الشديد لهبوط الاقتصاد الروسي ..

    لدي أمل كبير بعودة الاسعار فوق الثمانين دولار في 2017

    وفق الله السعودية لما فيه الخير للدول العربية ..

    1. حبيت التعليق

      أنه حلو نحكي باحترام بعلم و بتحليل أحسن من السب والشتم اللي بلا طعمه

  4. والله يا موتمزيل رندة شكلك لازمك دنب. شوفي بلكي ال سلول بركبولك واحد

  5. قرار عادي وضروري .. ومع هذا القرار يبقى ليتر البنزين أرخص من ليتر الماء ..
    أصلاً البعض في السعودية والخليج عموماً طرح فكرة أن يكون البنزين بسعرين . .. سعر خاص للمواطن وسعر آخر للوافد..
    وهذا الطرح فيه حق وعدالة لأن المملكة تبيع الوقود بسعر منخفص من أجل المواطن وليس الوافد ..
    وقبل ما حدا يبلش مسبات … لازم نعرف أن أي مادة مدعومة في اي دولة تعتبر مساعدة للمواطن وليس للغريب أو الوافد.
    في سوريا كان كل واحد يدخل سيارة إلى سوريا يدفع ضريبة اسمها ضريبة وفود عن كل يوم يقضيه في سوريا .. بحجة أنه سيستهلك وقود سعره مدعوم .. وهذا الدعم للمواطن وليس للأجنبي .. رغم ان السيارات الاوربية كانت تتعطل بسبب الوقود المغشوش الذي كانت تغشه الدولة أولاً ثم يغشه أصحاب محطات الوقود مرة ثانية ..