مضايا وكلّ هذا الحقد!

لم تعد مأساة مضايا تستدرج المزيد من الأوصاف والتعريفات، ولم يعد تجويعها والعمل على ردّ المقيمين فيها إلى سويّة التوحّش سرّاً يُلحّ على الفضح والإشهار.

لقد أُشبع الوصف وأُشبع التعريف وكلّ شيء صار مكشوفاً. لكنّ بيئة سوريّة – لبنانيّة لا تني تستخفّ بتلك المأساة، أو تنكرها أصلاً، أو، وهذا أسوأ الأسوأ، تسخر ممّن يعانونها وتشمت بهم.

والحال أنّ السذاجة فحسب هي التي تقترح علينا اعتبار البشر تجسيداً لنبل خالص ودائم. إلاّ أنّ ردود الفعل المذكورة هي ممّا لا يكفي الذكاء ولا الخبث لجعلها مفهومة، خصوصاً أنّ أصحابها يجهرون بها مثلما يجهر البشر العاديّون بحاجاتهم العاديّة إلى الهواء والغذاء وسواهما.

وراء ذلك تقيم بالطبع الدرجة القصوى التي بلغها تفتّت مجتمعاتنا وتكارهها، بحيث سقطت أوراق الحجب والتخفّي والتورية جميعاً. لقد صار واضحاً، بل فاقع الوضوح، كيف أنّ إرادة عدم العيش المشترك تفوق بلا قياس إرادة العيش المشترك، وكم أنّ الحاجة ماسّة لمراجعة أشكال الاجتماع الوطنيّ وصيغه في سائر بلدان المشرق المتنابذة.

لكنّ هذا الانشطار النوعيّ يأتي محمّلاً بأثقال وخلفيّات يسعها تفسير بعض الأوجه السوداء لردود الفعل تلك.

فبيئة الإنكار أو الشماتة لن تستطيع، حتّى لو ربحت حروبها عسكريّاً، أن تنفي خسارتها الكبرى لمعناها ولعلل وجودها. ذاك أنّ الثورة السوريّة وباقي الثورات العربيّة، حتّى بهزيمتها وبالتغيّر الذي طرأ على طبيعتها، نجحت في أن تنتزع مفهوم «الثورة» من تلك البيئة «الثوريّة». ويكفي أدنى الإلمام بالعقود الأخيرة لمعرفة أنّ «الثورة» كانت أهمّ ممتلكات تلك البيئة وأهمّ تجاراتها الرابحة. وكان من الممكن، في هذا الاستحواذ على «الثورة»، إيصال الكذب إلى مديات قصوى، كأنْ يصنّف نظام كالنظام الأسديّ نظاماً «ثوريّاً»، وُلد من رحم «ثورة»، أو كأنْ تُخترع قضيّة كمزارع شبعا، وتتعرّض للنفخ المتواصل، من أجل تبرير بندقيّة «حزب الله»، وهو أيضاً «ثورة» بطريقته.

وما فعلته الثورات العربيّة، لا سيّما منها السوريّة، أنّها أنهت هذا الاستحواذ الكاذب والمتجبّر، فيما غيّرت معاني «الثورة» ومضامينها، منعطفةً بها عن تزوير المعاني التقليديّ الذي جعل «الوحدة والحريّة والاشتراكيّة» و»تحرير فلسطين» النسغ المغذّي لـ «الثورة». وهذا إنّما يفسّر الاحتقان والتوتّر اللذين يرفدان المشاعر الطائفيّة ويؤجّجانها. فكأنّ ما أصيبت به البيئة الممانعة، وما تردّ عليه بهذه الجلافة وهذا النقص في الحساسيّة، إنّما يرقى إلى فقدان عالمها الحميم وشرط بقائها الشارط.

والأمر اليوم يفقد كلّ طابع نظريّ أو افتراضيّ لمصلحة انقشاع وشفافيّة هائلين. فحين يكون «حزب الله»، حزب الثورة مدفوعةً إلى سويّة المقاومة، هو مُجوّع مضايا ومحاصرها يكون كتاب الكذب قد أتمّ فصله الأخير.

حازم صاغية – الحياة

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫4 تعليقات

  1. مالفرق بين الضلال الذي يعتري داعش عن الاسلام.. والضلال الذي يعتري حلف الممانعة الشيعي النصيري عن الاسلام المزعوم والانسانية .. مالفرق بين هذان الطرفان الضالان.. عن الله والانسانية ،، وبالاحرى ما هذه المجتمعات المريضة التي انتجت كل هذا العنف والتسلط والوحشية رغم كل ذلك العويل والتذلل والخنوع الظاهر بالتقرب لله ، كيف لي أن أقارن بين الملحد العالم الفيزيائي هوكينغ والذي اعلن استيائه ورفضه لهذا الاجرام والقتل الممارس ضد المدنيين.. والخامنئي وحسن نصر الله وحسون والبوطي وووو…والذي يظهرون وكأنهم جيران لله يجلسون بجواره من التقوى والصلا ح!! وهم قتلة ومجرمون.. كيف ؟.

  2. ورطة حزب اللات ومؤيديه في لبنان كورطة النظام ومؤيديه في سوريا فكلاهما اندفع بحماس في البداية للقتل والذبح والاغتصاب والتنكيل بالسوريين ليقينهم بأن النصر والحسم سيأتي في أسابيع أو أشهر قليلة لتأتي بعدها مرحلة التنعم بالفوائد والمكاسب بعد انتصارهم المزعوم أما الآن وبعد أن غرقوا وغاصوا للركب في دماء السوريين بدون أمل للنصر سواء كان إلهياً أو دنيوياً ولم يعد بمقدورهم ولا بمقدور حاضنتهم التراجع ليقينهم بأن الحساب سيكون قاس وعسير جداً ولا يقدرون على تحمل تبعاته وأوزاره على عموم الطائفتين المتورطتين بالقتل لأن التعميم الطائفي هنا باتهام الشيعة والعلويين بجرائم القتل والتجويع والاغتصاب والتعذيب وجميع الموبقات هو الأساس وليس الاستثناء إذ لم يعد في ذاكرة السوريين قدرة على تذكر علوي طيب أو شيعي طيب حتى وإن وجدوا لأنهم صمتوا في البداية طمعاً في المكاسب وما زالوا صامتين إلى الآن خوفا من العقاب وما دامت الحاضنة الشعبية للطائفتين والتي من المفترض معارضتها للهمجية البربرية التي يتبعها النظام وحزب اللات في إدارة (الأزمة) في سوريا كتجويع المدنيين في مضايا على سبيل المثال ساكتة وصامتة بمعظمها فإن جبل الحقد الطائفي الهائل الذي تجلى بكامل قباحته في مضايا سيقابله جبل حقد آخر أكبر منه ينمو ويتراكم على مر الأيام لموؤدين جوعا سيتسائلون غداً بأي ذنب قتلوا .

  3. ادعوكم لقراءة ماضي هذا الكاتب على ويكيبيديا لتعرفوا تلونه مثل الثعبان و لمن يدفع اكثر و من بعدها علقوا على كتاباته

  4. هذا الكاتب متفلسف زياده عن اللزوم يستعمل كلمات وتعابير ليظهر مهاراته اللغوية
    بس الحق مو عليك الحق على اللي ربط الجحش وفلتك