ماذا بعد معركة ريف اللاذقية الشمالي ؟

بدأ النظام السوري معركته العسكرية الكبرى في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي من ريف حماة الشمالي، لكن صعوبة المعركة هناك وخسارته مدينة مورك من جهة ورغبة روسيا في توجيه ضربة لتركيا من جهة ثانية دفعته إلى فتح معركة ريف اللاذقية الشمالي.

تركزت المخططات السورية – الروسية في ريف اللاذقية الشمالي على محورين رئيسيين:

1- جبل الأكراد وتلال جب الأحمر، الأكثر أهمية بالنسبة الى النظام لقربها من محافظة إدلب، والسيطرة عليها تضع قوات النظام على مشارف الحدود الإدارية لمحافظ إدلب، لكن الأمر يتطلب أولاً السيطرة على مدينة سلمى معقل فصائل المعارضة.

2- جبل التركمان الأكثر أهمية بالنسبة الى الروس بسبب ملاصقته للأراضي التركية، ووجود قومية تركية مرتبطة بسياسات أنقرة في سورية، والسيطرة عليه تحرم الأتراك من ورقة مهمة في الداخل السوري، وتحول دون إقامة منطقة آمنة طالما طالبت بها أنقرة.

وبدا من سياق المعارك العسكرية، لا سيما خلال الشهر الماضي، أن معركة ريف اللاذقية الشمالي ستكون لمصلحة النظام بعدما نجح في السيطرة على تلال استراتيجية في جبلي الأكراد والتركمان، وأن مسألة فتح معركتي سلمى وربيعة مسألة وقت ليس إلا.

لكن المفاجأة كانت في سرعة اختراق قوات النظام لمدينة سلمى خط الدفاع الأمامي عن محافظة إدلب من جهة اللاذقية، الأمر الذي طرح تساؤلات عن حقيقة الوضع، هل هو تكتيك من قبل فصائل المعارضة لجر قوات النظام وحلفائه إلى محافظة إدلب؟ أم ثمة قرار بترك ريف اللاذقية؟ خصوصاً أن المقاتلين هناك طلبوا خلال الأسابيع الماضية الدعم من الفصائل الأخرى، لكن هذا الدعم لم يصل على الإطلاق؟ أم أن المسألة تتجاوز ذلك إلى ضعف الفصائل نتيجة الغطاء الجوي الروسي الذي غيّر المعادلة العسكرية في الشمال الغربي لسورية.

الإجابة عن هذه الأسئلة منوطة بالأسابيع المقبلة، لكن الثابت أن سيطرة النظام على مدينة سلمى إذا تحققت ستؤدي إلى تغيير مهم في جغرافية المعارك، وستنعكس سلباً ليس على ريف اللاذقية الشمالي فحسب، وإنما وهذا هو الأهم على صعيد محافظة إدلب، المحافظة الوحيدة التي تخضع لسيطرة الفصائل المسلحة، فالمدينة تقع في قلب مثلث جغرافي صغير زواياه في ريف حماة الشمالي الغربي وريف إدلب.

ومعركة إدلب هي المعركة الأكبر في المنطقة، بعدما تحولت المحافظة التي يسيطر عليها «جيش الفتح» إلى حصن عسكري وخزان الإمداد الرئيسي للفصائل المسلحة، كون الحدود مع تركيا مفتوحة ومؤمنة، على عكس ريف حلب الشمالي حيث تتصارع قوى عسكرية كثيرة على طول الحدود مع تركيا (وحدات حماية الشعب الكردي، وحدات حماية المرأة، قوات سورية الديموقراطية، الجيش الحر، الجبهة الشامية، داعش).

يختزل الصراع على إدلب الصراع الإقليمي والدولي في سورية، وقد تحولت المحافظة إلى ساحة اشتباك مفتوحة لكل الأطراف بسبب موقعها الجغرافي المهم: تطل على تركيا أحد أهم داعمي المعارضة المسلحة وفصائل إسلامية أخرى، كما تشكل المحافظة صلة الوصل بين المنطقتين الساحلية والوسطى والمنطقتين الشمالية والشرقية.

ثمة مقاربة عسكرية – سياسية دولية في الشمال السوري. بالنسبة الى الولايات المتحدة تقوم المقاربة على استعادة الرقة من أيدي تنظيم «داعش»، وتحويل المحافظة إلى منطقة مغلقة تحت سيطرة الأكراد والعرب معاً، ولذلك ينحصر التركيز الأميركي على المناطق المحيطة بمحافظة الرقة (الحسكة، ريف حلب الشمالي الشرقي) مع ترك المنطقة الشمالية الغربية من سورية (إدلب، ريف اللاذقية الشمالي، ريف حماة الشمالي، ريف حلب الجنوبي) لحلفاء المعارضة الإقليميين لمواجهة قوات النظام السوري وداعميه الإقليميين والدوليين.

صورة المشهد الميداني في الشمال الغربي غير واضحة حتى الآن، فالفصائل المسلحة بعديدها وعتادها تشكل قوة لا يستهان بها مع وجود الفصيلين الأقوى (أحرار الشام، جبهة النصرة)، وقوات النظام مع مقاتلي «حزب الله» وإيران أصبحوا أكثر فاعلية بعد التدخل العسكري الروسي، لذلك من الصعب معرفة الحدود التي ستنتهي عندها المعارك، في ظل وجود فيتو ضد إعطاء فصائل المعارضة أسلحة نوعية تستطيع ضرب الطائرات الروسية التي هيمنت في شكل كامل على المجال الجوي.

وفي حال تراجعت قوة فصائل المعارضة في هذه المنطقة، فإنها ستتعرض لهجوم من قبل قوى محلية أخرى تنتظر فرصة ضعف هذه الفصائل، مثل وحدات حماية الشعب الكردي وقوات سورية الديموقراطية، وقد شهدت الفترة الأخيرة حالات توتر بين هاتين القوتين وفصائل المعارضة في أكثر من منطقة.

حسين عبد العزيز – الحياة

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. هذه معارك إخضاع وتقسيم وليست معارك سيطرة لأن الجنرالات الروس والإيرانيين يعرفون يقينا بأن إعادة السيطرة على سوريا تحتاج إلى مالايقل عن 300000 ألف جندي وضابط بكامل عتادهم العسكري للتغلب على حوالي 120000 مسلح معارض منتشرين على طول سوريا وعرضها باستثناء مسلحي داعش والذين يقدرون بحوالي 30_40 ألف مقاتل وهذا العدد الكبير من الجنود لاتقدر روسيا ولا إيران مجتمعتين على تحمل تكلفته لأن أقل من نصف هذا العدد في العراق كان يكلف أمريكا مليار دولار يوميا مابين مرتبات وذخيرة وطعام ودواء وخدمات لوجستية ..الخ ولذلك فالروس يحاولون الضغط بأقصى مايستطيعون من قوة جوية على الخطوط الخلفية والحاضنة الشعبية للمعارضين المسلحين مع التقدم بحذر وتحت غطاء جوي كثيف باتجاه مواقع استراتيجية مرسومة مسبقا تمثل حدود الدويلة العلوية أو سوريا المفيدة من أجل إحباط المعارضة المسلحة وإجبارها على القبول بالأمر الواقع وهو التقسيم والتقسيم فقط إذ ليس بمقدور روسيا مساعدة الأهبلوف على استعادة السيطرة على كامل سوريا وهم يريدون تثبيت الوضع حاليا في ريف اللاذقية الشمالي وحماية قاعدتهم في حميميم باستخدام القوة النارية لطائراتهم قبل التفرغ للمعركة الأكبر في الغوطتين وفي حال فوزهم بها لاقدر الله فسيعلن الأهبلوف التقسيم لامحالة وستعترف به روسيا وإسرائيل فوريا وسيصبح على مايأملون ويتآمرون أمرا واقعا لارجعة فيه.

  2. – أتفق معك تماما ، روسية تسعى للتقسيم ومن لازال لديه شك فليبحث على يوتيوب عن لقاء السفير الروسي مع عضوي الكنيست الاسرائيلي وهو يتحدث عن ضرورة المعاناة والتدمير لاقناع السوريين بالتقسيم (كما حدث بالسودان) …
    -و رغم انني متأكد من أن اكبر عقاب رباني للنصيريين أن تعلن دولة الساحل بزعامة الاهبلوف ، فمن يتخيل أن تكون طغمة دموية عفنة تحكمه بقوانين المافيا والمتاجرة بالاعراض والمخدرات ؟
    فلا زال لدي بقايا أمل أن يخرج من بقايا الشرفاء من هذه الطائفة من يضع حدا للاهبلوف ويساهم بارجاع النصيريين الى حض الوطن السوري ،