دي ميستورا و الأجانب في سوريا

يقول المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، إن مصير بشار الأسد يحدده السوريون وليس الأجانب، مضيفا بمقابلة مع تلفزيون «فرنسا 24»: «ألا نستطيع أن نترك السوريين يقررون فعلا هذا؟ لماذا نقول مسبقا ما يفترض أن يقوله السوريون، طالما أتيحت لهم الحرية، والفرصة لفعل ذلك؟» فمن يقصد دي ميستورا؟

الأكيد أنه يقصد السعوديين، والأميركيين، والأوروبيين، الذين يقولون: إن لا مكان للأسد في أي عملية انتقالية سياسية، لكن هل تصريحات دي ميستورا مقبولة من حيث المبدأ، وما تقتضيه الحكمة، والظروف؟ نعم بكل تأكيد، وكلامه هذا هو عين العقل، وعليه فليسمِ دي ميستورا «الأجانب»، ويطالبهم بترك السوريين وحدهم، ليقرروا مصيرهم! فهل يجرؤ؟ أتحدى! الواضح هو أن دي ميستورا يتحدث عن المدافعين عن السوريين، وليس المدافعين عن مجرم دمشق الأسد. فلا يوجد بسوريا جندي واحد منتمٍ للدول المدافعة عن السوريين، الذين قتل منهم قرابة أربعمائة ألف على يد الأسد، بينما في سوريا القوات الجوية الروسية، وميليشيا «حزب الله» الإرهابي، وميليشيات شيعية أخرى، ومقاتلون من إيران، وكل هدفهم هو الدفاع عن الأسد، والإمعان في قتل السوريين، والتنكيل بهم.

إذن، هل يقصد دي ميستورا الدعم العربي، والغربي، للمعارضة السورية المعتدلة؟ الجميع يعلم، والحقائق تقول، إن هذا الدعم لم يأتِ إلا بعد أن أقدم الأسد على استخدام العنف، وبدأت آلة قتله تحصد أرواح الأبرياء السوريين الذين خرجوا في مظاهرات سلمية، وفي ثورة هي الأصدق في المنطقة العربية. ويفترض أن يعرف دي ميستورا، وهو الذي زار، ويزور، دمشق أن العاصمة السورية الآن تحت حماية قوات إيرانية، وأن الأجواء هناك تحت حماية روسية، وكلها دفاعا عن الأسد قاتل أربعمائة ألف سوري، فعن أي أجانب يتحدث المبعوث الدولي؟ فهل كان بمقدور الأسد البقاء في دمشق ساعة واحدة لولا الدعم الإيراني، والروسي؟ هل كان سيصمد الأسد للآن من دون ميليشيات إيران، وبعض مرتزقتها، حتى يطالب دي ميستورا «الأجانب» بأن يتركوا السوريين في حالهم ليقرروا مصيرهم؟ بالتأكيد لا، ولذا فإن ما يقوله دي ميستورا هو فعلا أمر مذهل!

إذا كان المبعوث الدولي يريد معرفة ما يريده السوريون فهو رحيل الأسد، وتوقف إيران وروسيا عن التدخل بسوريا العربية، فهم الأجانب، وليس العرب. والواجب أن يخرج دي ميستورا علنا، ويطالب الروس والإيرانيين بضرورة الرحيل، وترك السوريين في حالهم، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فالواجب أن يحرص دي ميستورا على القانون الدولي الذي يمثله، ويتخذ موقفا صارما حيال قتل المدنيين السوريين من قبل الأسد، وبمشاركة إيرانية روسية، ويطالب بمعاقبة الأسد دوليا بسبب استخدامه الأسلحة الكيماوية، وفي عدة مراحل، وحتى بعد اتفاق تسليم الأسد لأسلحته الكيماوية، وبوساطة روسية. على دي ميستورا فعل ذلك، وهذا هو صميم عمله، كمبعوث أممي، بدلا من تصريحاته الفضفاضة التي لا معنى لها إلا مناصرة الأسد.

طارق الحميد – الشرق الأوسط

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. الإسم الرسمي لهذه البلاد هو الجمهورية العربية السورية منذ 1961، و بالتالي على المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا(الذي يقول إن مصير بشار الأسد يحدده السوريون وليس الأجانب) أن يطالب الأجانب بمغادرة هذه البلاد فوراً حتى نكون أحراراً في بلادنا . نحن لا نريد أن نرى روس أو إيرانيين أو باكستانيين أو أفغانيين أو غيرهم من مرتزقة العالم الذين جلبتهم العصابة الحاكمة في دمشق بالآلاف و أعطت الكثيرين منهم الجنسية و حق التملك في لعبة طائفية قذرة يراد منها تغيير التوزيع السكاني و صياغة مستقبل سوريا على هذا الأساس. قبل الثورة ، كان المسلمون السنة (و باحتساب الإخوة الأكراد و كذلك التركمان) و العرب (بإحتساب الإخوة من بني معروف الدروز و كذلك المسيحيين) يشكلون أكثر من 90% من سكان سوريا، و هؤلاء – بحسب المنطق المقبول عالمياً- هم من يقررون تحويل بشار إلى إمبراطور أو لحم مفروم و بحسب معايير واضحة و عدالة و شفافية. ما عدا ذلك ، فهو قهر و ظلم و استبداد و هذا لن يدوم ، و لن يقبل الشعب به مطلقاً فالقاسم المشترك الأكبر بين جميع ثوار سوريا هو السعي لنيل الحرية و الكرامة بكل ما تعنيه هاتين الكلمتين.