فرانس برس : عائلة ” لبنانية – سورية ” تقرر الهرب من نفايات لبنان إلى سوريا رغم الحرب !

وضب فياض عياش وزوجته ريهام حقائب السفر استعدادا للانتقال الأسبوع المقبل مع بناتهما الأربع إلى سوريا التي يهزها نزاع دام منذ خمس سنوات، وذلك هربا من رائحة النفايات التي تملأ منزلهما الواقع جنوب بيروت.

ويطل منزل عياش المتواضع والمكون من طابقين على مطمر الناعمة الواقع على بعد عشرين كيلومترا تقريبا جنوب العاصمة، ومن هذا المطمر، تتسرب رائحة كريهة تركت آثارها على سكان المنزل الذين اصيبوا بأمراض شتى.

ويقول فياض لوكالة «فرانس برس»، «سنذهب إلى سوريا الأسبوع المقبل، هناك احتمال بأن نموت هناك، لكن هنا، سنموت بالتأكيد»، من حديقة المنزل الخلفية، يمكن رؤية عشرات الشاحنات المحملة بأطنان من النفايات التي تنبعث منها روائح مزعجة، تنتظر دورها لرمي القمامة في المكان.

في يوليو الماضي، أجبر سكان غاضبون في بلدة الناعمة الحكومة على اقفال المطمر، ما ادخل البلاد في أزمة أغرقت بيروت ومناطق اخرى واسعة في القمامة التي تكدست على جوانب الطرق وفي مجاري الأنهار وعلى ضفافها وعلى شاطىء البحر وفي الاحراج والغابات.

لكن بعد ثمانية أشهر، لم تجد الحكومة حلا إلا باإعادة فتح المطمر لمدة شهرين لإزالة النفايات المتراكمة في إطار خطة مؤقتة لحل الأزمة.

ويقول فياض «الرائحة الكريهة تشتد دائما خلال الليل، الرائحة هي ذاتها في كل المنطقة والامراض نفسها ايضا».

ويحمل عياش في يده جهاز استنشاق أزرق اللون، ويقول أن أفراد عائلته يعانون منذ أشهر من مشاكل في التنفس بسبب المطمر، كما تعاني بناته اللواتي تترواح أعمارهن بين سنتين وعشر سنوات من مشاكل في الأكل والنوم ايضا.

وفياض لبناني متزوج من سورية، وقررا الذهاب إلى منطقة السويداء في جنوب سوريا حيث تعيش عائلة الزوجة ريهام.

وبقيت السويداء ذات الغالبية الدرزية بمنأى نسبيا عن النزاع الدائر في سوريا الذي أسفر خلال خمس سنوات عن مقتل ما لا يقل عن 270 الف شخص، لكنها شهدت في مراحل متعددة معارك عنيفة وهجمات من تنظيم الدولة الاسلامية.

وتقول ريهام «ليس هناك أمان في سوريا ولكني مجبرة على الرحيل»، مضيفة «لدي حقيبة جاهزة وضعتها فوق الخزانة».

بدأ العمل في مطمر الناعمة العام 1997، إذ أعدّ لتنقل اليه نفايات بيروت ومدن وبلدات قضاء جبل لبنان، وجهز بتقنيات تسمح بإحراق الغازات السامة الموجودة في النفايات المعدة للطمر منعا لتلويث الارض والهواء.

وكان يفترض أن يكون حلا موقتا لمشكلة مزمنة تعود الى اكثر من عشرين سنة، لكن اي حل جذري لم ير النور بسبب الانقسامات السياسية وخصوصا بسبب فساد المؤسسات، وكان يفترض ايضا دفن حوالى مليوني طن من النفايات في مطمر الناعمة فقط، لكنه بات يضم اكثر من 15 مليونا.

ويقول فياض، ما إن فتحوا المكب المرة الثانية، بدأت طفلتي بالتقيؤ.

وتقول ريهام ان الفواتير الطبية من زيارات الطبيب وادوية واجهزة استنشاق تكلف العائلة شهريا حوالى ألف دولار.

وتنظر الى يدها وتقول اجبرت على بيع خاتم الزواج لأغطي تكاليف الاطباء والأدوية، وتضيف، يا ليت اولادي يأكلون بقدر ما يأخذون ادوية.

وتشكو عشرات العائلات من تداعيات رمي النفايات في مطمر الناعمة على حياتها.

ويقول مدير منشأة الصحة البيئية والسلامة وإدارة المخاطر في الجامعة الاميركية في بيروت فاروق مرعبي لوكالة فرانس برس ان الرائحة المنبعثة من مطمر الناعمة انعكست صعوبات جمة على حياة اكثر من ثمانمئة شخص يعيشون في محيط كيلومتر واحد منه.

ويوضح ان الشاحنات كانت تنقل بين 2800 و3000 طن من القمامة يوميا الى الناعمة قبل ازمة النفايات، اما اليوم، فاصبحت تنقل ما بين ثمانية وتسعة آلاف طن، وذلك بسبب القمامة التي تراكمت في الشوارع.

ويضيف، ان النفايات التي تكدست في الشوارع تخمرت، وبالتالي فان الرائحة اصبحت قوية جدا.

ولم يحدد الخبراء بعد بدقة الآثار الصحية التي ستترتب على المنطقة المحيطة بالمطمر على المدى الطويل.

ويأمل مرعبي ومعه فريق من الخبراء في الجامعة الاميركية بالحصول على تمويل يخولهم اتمام دراسة لفحص وضع المياه السطحية والجوفية وعينات من التربة والهواء.

لكن لم يعد بوسع فياض وعائلته الانتظار.

ويقول فياض، أبلغنا أهل ريهام انهم يودون المجيء الى لبنان، ولكن قلنا لهم: هل تريدون ان تموتوا من الرائحة؟ نفضل ان نأخذ الأطفال ونأتي اليكم. (AFP)

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. الحل معامل تدوير (ريسايكلنغ) تدوير نفايات و استخدام بلاستيك و منع استخدام اكياس بلاستيك و استخدام اكياس بيئية