” توبة ” جبهة النصرة

ظهر الجولاني أمير جبهة النصرة بعد تردد طويل ليعلن للملأ اتفاقه مع الظواهري أمير القاعدة بأن يغير اسم جبهة النصرة ويفك ارتباطها بالقاعدة، مع شكره لهذا الأخير على تكرمه بالقبول بمثل هذه الخطوة.

كان من الممكن أن نقول تعليقا على هذا الحدث: خير أن تأتي متاخرا من أن لا تأتي أبدا.

لكن للأسف لم يعد لهذه الخطوة التي كان من الممكن أن تغير ميزان القوى على الأرض أثر كبير في الميدان وفي المجال السياسي.

أولا لأنها جاءت بعد الإعلان عن الاتفاق الأمريكي الروسي على قصف النصره بعد ان كان ذلك نقطة خلاف بين الطرفين بسبب تداخل مواقع النصرة والجيش الحر. فواضح للجميع أن الهدف من هذا التغيير في الاسم هو اتقاء ضربات التحالف الدولي وروسيا بسحب ذريعة الانتماء للقاعدة. وهذا يعني أن ما جرى مجرد تغيير شكلي حصل تحت الاكراه لا يمس حقيقة فكر النصرة وسياستها الفعلية.

وثانيا لانه حصل بالاتفاق مع زعيم القاعدة وبترتيب مشترك، وبالتالي ضمن التفاهم مع القاعدة وليس بالانشقاق الفعلي عنها، وثالثا لأن الأهداف التي أكد الجولاني من جديد تمسك جبهة فتح الشام الجديدة بتحقيقها لا تختلف أبدا عن اهداف جبهة النصرة في تطبيق الشريعة وإقامة حكم الاسلام والدفاع عن المسلمين.

وبصرف النظر عن اغتصاب حق المسلمين في تقرير فحوى حكم الاسلام ومن يحق له تفسيره وتطبيقه، ينبغي أن يخدع الروس والأمريكيون أنفسهم بإرادتهم حتى يقبلوا بأن النصرة لم تعد نصرة، وأن انفصالها الشكلي عن القاعدة صار كافيا لمعاملتها معاملة الفصائل الوطنية الأخرى وتجنيبها الحرب.

كان هناك حل واحد لقلب الطاولة على الروس والامريكيين وهو الانتقال من دون تفاهم مع القاعدة أو الاعلان عن هذا التفاهم نحو تشكيل جديد يرفع راية الثورة السورية، ويعترف بما كان يقوله صاحب النصرة في البداية من أن هدف الجبهة الجديدة هو نصره السوريين لاسترجاع حقوقهم الانسانية وإسقاط النظام الجائر، وترك الأمر للشعب السوري نفسه، بكل فئاته، يقرر مصير النظام القادم، باختياره الحر. مع احتفاظ الجبهة الجديدة بحقها في الدفاع عن أفكارها بالطرق السلمية واستعدادها لتسليم سلاحها فور تعيين حكومة شرعية معترف بها من الشعب، أسوة بباقي فصائل الثورة الأخرى.

هذا هو الحد الادنى المقبول لتبرئة جبهة فتح الشام من التزاماتها القاعدية، التي لا تقتصر على الولاء لزعيم المنظمة الأم، وإنما تتعلق بشكل رئيسي ببرنامجها السياسي والديني الذي ينكر بالعمق حق الشعب السوري في اختيار ممثليه وتقرير مستقبله بنفسه، وتفرض نفسها عليه وصية سياسية ودينية لا يمكن لأحد قبولها ولا شيء يبررها في أي حال.

كان في هذا تطمين للسوريين وتخفيف الضغط عن المقاتلين وربما انقاذ أرواح العديد منهم والاحتفاظ بهم للمعركة الطويلة التي سيخوضها السوريون قبل سقوط الأسد وبعده، والتي لن تنتهي إلا بإقرار عهد التعايش السلمي لجميع الطوائف والمذاهب والقوميات والاحتكام للشعب وممثليه الشرعيين المنتخبين.

برهان غليون – فيسبوك

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫6 تعليقات

  1. النصرة لم تخطئ حتى تتوب ،
    و لكنها تتحلى بالمسئولية أضعاف ما يتحلى به العلمانيون و الاخونجية و معارضي الفنادق آلاف المرات
    و هي تدرك حقيقة الصراع و طبيعة المعركة و تتحرك وفقا لمصلحة المسلمين و أهل الشام
    النصرة منا و نحن منها و هي أكبر فصيل في الثورة و اكثره شعبية و لولا ابطالها لسقطت الثورة منذ وقت طويل مع تدفق ( جيوش ) بكامل عددها و عدتها لاجهاض ثورة الشام

    1. أتفق معك إلى حد كبير فيما قلته ولكن إذا كان لديك سيناريو جيد ومخرج سيء فسيكون الفيلم سيئا بالضرورة وكان حريا على الجولاني ومساعديه عدم الإفصاح بأن فك ارتباطهم بالقاعدة قد تم بالتوافق معها وأن يهاجم الدواعش والنظام معا وأن يتكلم بالسياسة أمام الكاميرات أكثر من الدين ويتجنب الحديث عن مستقبل سوريا من وجهة نظره ويترك ذلك للسوريين أي ببساطة تعديل الإخراج أو تغييره ليحصل على فيلم جيد يتوافق مع ذوق المشاهدين وأنا هنا لا أتحدث فقط عن السوريين بل عن المشاهدين العالميين والإقليميين ليس لينال رضاهم بل لتشتيت مواقفهم المجمعة على محاربته.

  2. لو ظهرت النصرة او لم تظهر على الساحة في سوريا فموقف الغرب لم يكن ليتغير فبشار جاء بتوافق امريكي روسي فرنسي اسرائيلي ، و هالدول بدها ( معارضة على كيفها ) مو معارضة بتمثل الشعب السوري و ثورته
    و هالدول ما رح تقبل الا بفرض وصايتها على الشعب السوري و الشعب السوري ما رح يقبل الا بكامل حريته و استقلاله و سيادته على ارضه

  3. أنت تستطيع تحليل كل الأمور السياسية بشكل منطقي .. إلا عندما تأتي للكلام عن الإسلام تبدأ بالتخبيص .. أنت و غيرك و كل من يحاول أن يفسر فكر المجاهدين أصحاب العقيدة القوية .. إليك شيء يجب أن تعلمه جيدا .. أن كنت تريد العدالة فعلم انك لن تحصل عليها سوى بدولة ذو طاابع اسلامي صحيح يطبقه الجميع .. أما غير ذلك فهو يعني إعادة القرن الماضي علينا كله ..