لا جزرة في سوريا و لا توبة في اليمن

يباغتنا وزير الخارجية الأميركي جون كيري برياح أمل سيرى ماذا سيفعل خلال ساعات، لتُمطِر برداً وسلاماً على السوريين المنكوبين بنظامهم وإصراره على «الانتصار»، وبإيران التي تراهن على «الخوارق» دفاعاً عن «مصالحها» في سورية، ولا ترى حلاً إلا بسحق المعارضين للرئيس بشار الأسد.

اعترف كيري بعد صحوة مباغتة بأن خريطة الطريق إلى تسوية جنيف، لم يتحقق منها ما يمكن أن يفتح الباب للعملية الانتقالية، فيبرّئ بالتالي إدارة الرئيس باراك أوباما من وصمة التواطؤ، على رغم كل ما شهدته سورية من مجازر وجرائم حرب.

وربما لم يكن مجرد أمنيات، التكهُّن بصفقة ما بين أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تقود سورية إلى مرحلة جديدة انطلاقاً من تبريد جبهات القتال، قبل انتخاب الأميركيين رئيساً للولايات المتحدة. لكن إصرار الروس والنظام السوري على خنق المعارضة في حلب، ولو كلّف تدمير ما بقي من المدينة، وقتل آلاف من المحاصرين فيها، يستبعد مراعاة الكرملين الحسابات الانتخابية للديموقراطيين في أميركا. وما دام هناك إعجاب متبادل بين بوتين والمرشّح الجمهوري الجهوري دونالد ترمب، يمكن النظام السوري أن يحلم بـ «خوارق» إيران لضم رجل الأعمال الصاعد إلى سلّم مقاومة «التكفيريين»، ولو كانت بين مشاريعه إثارة فتنة في أميركا ضد كل مسلميها.
رغم كل ذلك، وبعد كوارث الدجل الأميركي في مزاعم دعم واشنطن المعارضة «المعتدلة» في سورية، فلنثق باتكال «المفوض السامي» للأذرع الإيرانية، اللواء قاسم سليماني، على «الأثر الخارق» لـ «لواء فاطميين». نراه جلياً في الأرض المنكوبة بالنظام وحُماته، ونلمسه في «تواضع» حاكم يصر على «نصر» كامل، على رغم تشكيك الأميركيين في عودة سورية.

لدى الروس، لا جزرة للمعارضة السورية، مهما روّج الكرملين لمقولة «الحرب على الإرهاب» وأولويتها. لا جزرة بل مجزرة لا تتوقف، جسدياً معظم ضحاياها مدنيون لإخضاع المقاتلين، وسياسياً لشطب ما أمكن من الرموز المعارضين بتيئيسهم من إمكانات الحل.

وأما «داعش» الذي تمدِّد عمره في العراق، فضائح صفقات وفساد، ستعطّل تعبئة لتحرير الموصل، فهو أبعد ما يكون عن «التوبة»، كحال كل إرهاب. ينطبق ذلك أيضاً على أهداف التنظيم في سورية، حيث كل مجزرة تُحسَب رصيداً في خدمة النظام.

لا جزرة، ولا توبة يمكن أن تخفّفا معاناة السوريين على أيدي جلاّديهم. وإذا كان بديهياً أن أوروبا القلقة ارتبكت أمام ضربات الإرهاب في عواصم ومدن لا تكنّ الودّ للنظام السوري، فانشغلت عن المأساة بالتعبئة الكبرى، وتركيا انهمكت بمطاردة «أشباح» الانقلاب، وتطهير كل الدولة من «سرطان المؤامرة»… فالأكيد في المحصّلة أن الكرملين بات طليقاً، يمارس سياسة الأرض السورية المحروقة، بمَنْ عليها، إلى أن تحين ساعة رسم الخرائط.
كسِب بوتين حصة الأسد على البحر المتوسط، عزّت إيران نفسها بأنها «تشغِّل» الروس لحسابها، وما إن ينكفئوا حتى تقطف نظاماً مهترئاً، لا يقوى على الاستغناء عن مظلتها العسكرية- الأمنية. وهذه بالطبع رؤية لا تتطابق مع رغبات الروس، ولا أطماعهم، في حرب «ناعمة»، القوة العظمى تكتفي فيها بتوجيه نصائح إلى خصم غيّر خريطة أوكرانيا، ويصول ويجول في سورية كأنها مجرد بحيرة على كتف البحر الأسود.

المفارقة أن تعتمد إيران أيضاً نهج التحدّي وتحرّض حلفاءها الحوثيين في اليمن على الاقتداء به، فلا جزرة يقبلون بها لتسهيل التسوية ووقف الحرب، ولا توبة عن حسابات «الربح الصافي»، كل شيء أو لا شيء… ولا رجعة حتى الآن عن استهداف الحدود السعودية، رغم الفارق في ميزان القوة بين جماعة عبدالملك الحوثي وأنصار علي صالح، والتحالف العربي بقيادة المملكة.

يصرّ بوتين على استغلال غياب أي دور غربي فاعل لوقف المآسي في سورية، تصرّ طهران على انتهاز فرص الصمت الأميركي- الغربي السلبي على كل ما يرتكبه الحوثيون في اليمن، تحدّياً لمجلس الأمن ومجلس التعاون الخليجي. ففي ذاك ذروة المسعى إلى تسعير الصراع المذهبي، خدمة لهدف إيران الأول، وهو إشغال السعودية ومحاولة تطويقها، لتقبل التفاوض مع طهران وبشروطها، على قضايا عربية.
من سورية إلى اليمن، المنطقة على عتبة شهور مريرة من الصراع، على قاعدة لا جزرة ولا توبة، ولا عصا لمجلس الأمن لردع التمرُّد على الشرعيات، ولجم أحلام القيصر والمرشد.

زهير قصيباتي – الحياة

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. العنجهية والغرور الروسي الإيراني هما من أوصلا الأمور إلى ماوصلت إليه في سوريا الآن فلو اختارت إيران مع ذيلها حزب اللات الوقوف على الحياد علنا عند اندلاع الثورة السورية ولم تنخرط منذ اليوم الأول في الحرب ضد الشعب السوري لربما كانت ستحافظ على تقية الخديعة لدى غالبية السوريين من الذين كانوا ينظرون لها كدولة إسلامية صديقة وصدوقة ولمشروعها النووي على أنه حق مشروع ودعم لنا في مواجهة النووي الإسرائيلي ولحزب اللات على أنه الثقل الداعم لنا في أي معركة قادمة مع إسرائيل ولو فرضت روسيا على ذيلها الأهبلوف المغادرة والتنحي مقابل تدخلها لحماية نظامه وامتيازات طائفته لربما رأى الكثير من السوريين تدخلها على أنه معروف روسي وإنقاذ لسوريا من ولد أحمق تافه كالأهبلوف ولكن روسيا وإيران تريدان الجزر السوري كله هذا إذا كان هناك من جزر بالأساس فبوتين يعتمد على استنساخ تجربة الشيشان في سوريا والخرامنئي يعتمد على استنساخ قمعه للثورة الشعبية في إيران ضد نظام الملالي كما اعتمد الأهبلوف في بداية الثورة على استنساخ حماة 82 زمن أبيه المقبور والنتيجة أن لاجزر سوري على الإطلاق فالجزر الذي سيحصل عليه الإيرانيون هو نفس الجزر الذي حصل عليه السوريون لدى تدخل المقبور حافيييييييظ في لبنان أي تقنين في الكهرباء وانهيار لليرة ونقص في جميع الخدمات والسلع حتى أصبح الحصول على علبة مناديل ترفا وحلما بحد ذاته في الوقت الذي ينعم فيه جيران إيران الخليجيين بأعلى مستويات الرفاهية ولديهم فائض مالي ضخم ومع ذلك يعانون من هبوط أسعار النفط ويفكرون بالاستدانة من الخارج فيما مرشدهم يبحث عن الجزر في سوريا؟ نفس الشيء ينطبق على بوتين فهو يريد بالبحث عن الجزر السوري بأن يصبح القوة الأولى عالميا عن طريق حرق سوريا بطيرانه فيما اقتصاده وصناعته المدنية لاتستطيع تصنيع آلة حاسبة واحدة؟ مشكلتنا أننا ابتلينا بمعتوهين الأول الخرامنئي الذي يريد التعجيل بظهور المهدي بالإمعان في قتلنا والثاني بوتين الذي يريد التعجيل بالوصول لقمة العالم بإمعانه في حرقنا أما الأهبلوف فسيبقى وسيظل أهبلوف وما فعله وسيفعله هو تحصيل حاصل لأنه كان وسيظل على الدوام مفعول به وليس فاعلا ولذلك فقد سقط اسمه للتقليل من القرف.

  2. يقول الصحابي عمرو بن العاص فاتح مصر عن اهل مصر ( اذكياء في الصغر اغبياء في الكبر) ما بعتقد قال هيك عن اهل سوريا ، ليش هالفّ والدوران والغباء سبب المشكلة عدم وجود الفاعل على الارض على طاولة المفاوضات يعني غرفة فتح الشام او جماعات الاسلام السياسي ، في ناس عمتتفاوض عنهون او تدعى انها تتفاوض عنهم لمحاولة قطف المجهود الحربي لهم ، جيبوا الجولاني والبوطة تبعتوا من اهل الذقون على طاولة المفاوضات بتنحل ، بس ما عميجوا لسببين ، النظام العالمي لا يتفاوض مع ارهابيين والسبب الثاني ان الارهابيين انفسهم يعتبروا المفاوضات نوع من الخديعة من اجل هدف سامي هو ازالة بشار الاسد او حتى اسوء من ازالة بشار وهي اقامة نوع من نظام اسلامي ثيوقراطي ، وبالتالي لا حيزيلوا بشار الاسد حتى تحج البقرة على قرونها ولا حتوقف الحرب لحتى يتكسر راسهون ويبادوا عن بكرة ابيهم ، شوف بالشيشان ما تركوا وهابي يتنفس مسحوهن مسح وهيك حيصير بسوريا مع الوقت وعلى فكرة يمكن تنبادوا ويصير السنة اقلية ماااا تستغرب شي كله مرهون بنسبة الذكاء في عقولكم الصدئة