علاقة روسية أمريكية إسرائيلية في سوريا

عندما تتحالف إسرائيل وروسيا في سوريا، وعندما يؤكد الوزير الإسرائيلي الشهير ليبرمان على أن التنسيق بين الإسرائيليين والروس في سوريا على مدار الساعة، سبعة أيام في الأسبوع، وعندما يزور نتنياهو روسيا مرات ومرات خلال أشهر لتنسيق الجهود الإسرائيلية الروسية في سوريا، فلا أحد يحدثنا عن صراع أمريكي روسي على سوريا. بعبارة أخرى، عندما يتفق الإسرائيليون والروس على الأرض السورية، فإن الموافقة الأمريكية على الدور الروسي في سوريا تصبح تحصيل حاصل. لا عجب إذاً أن قال أحد المعلقين ساخراً: إن وزير الخارجية الأمريكي فيما يخص الشأن السوري ليس جون كيري، بل سيرجي لافروف. لهذا لا بد أن لنا أن نضحك على أتباع ما يسمى بحلف الممانعة والمقاومة عندما يصورون الصراع في سوريا على أنه معركة كسر عظم بين روسيا وأمريكا، وذلك كي يبرروا تبعيتهم لروسيا والنوم معها في فراش واحد، مع العلم أن اللعبة باتت مفضوحة إلى أبعد الحدود. وبما أن الروس والأمريكيين والإسرائيليين على قلب رجل واحد في سوريا، فإن الممانعين المزعومين صاروا في الخندق الإسرائيلي بشكل مفضوح. لقد بات الروس والإسرائيليون ينسقون عملياتهم في سوريا من غرفة عمليات واحدة، حتى بالتعاون مع النظام وحلفائه «الممانعين».

لا أدري لماذا يصر القومجيون والناصرجيون والمقاومجيون العرب وبقايا اليسار الهزيل على تصوير الصراع في سوريا على أنه صراع بين الشرق والغرب، كما لو أننا في ستينات القرن الماضي حيث كانت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي وأمريكا في أوجها. صحيح أن الرئيس الروسي يحاول استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي البائدة بعقلية وأيديولوجية ومعطيات جديدة، لكنه ليس أبداً في وارد التصادم مع أمريكا في الشرق الأوسط. ولا نصدق أيضاً أن الروس يملؤون الفراغ الذي بدأت تتركه أمريكا في المنطقة، كما لو أن الأمريكيين انهزموا أمام الزحف الروسي.

لا علاقة للتدخل الروسي السافر في سوريا أبداً بضعف الجبروت الأمريكي، ولا بصعود الجبروت الروسي، بل الأمر برمته مرتبط بمصالح إسرائيل في سوريا خصوصاً والمنطقة عموماً، وطبعاً بمصالح أمريكا وروسيا المشتركة.
ولو عدنا إلى الساحة السورية، لرأينا التدخل الروسي قد حدث بعد مداولات إسرائيلية روسية على أعلى المستويات السياسية والعسكرية والاستخباراتية. لقد التقى بوتين ونتنياهو مرتين خلال أسبوعين قبل التدخل الروسي. ثم قام بزيارات مكوكية عديدة لموسكو للقاء صديقه بوتين. وقد اعترف سامي كليب أحد أبرز كتاب ما يسمى بمحور الممانعة أن الرئيس الروسي بوتين هو أفضل حليف لإسرائيل في تاريخ روسيا. وقد اعترف وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق جوزيف ليبرمان بأن التنسيق الروسي الإسرائيلي في سوريا يجري على مدار الساعة سبعة أيام في الأسبوع.

حتى الأطفال الصغار يعلمون أن من يحدد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عموماً هي إسرائيل وليس وزارة الخارجية الأمريكية. وإذا كانت تل أبيب هي من ترسم السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، فمن الطبيعي أن تكون أمريكا راضية تماماً عن التدخل الروسي في سوريا عندما يكون بمباركة وبضوء أخضر إسرائيلي.

إذاً من العيب أن نسمع بعض السوريين واللبنانيين والإيرانيين المؤيدين للنظام السوري وهم يتفاخرون بالدور الروسي في سوريا كما لو كان في مواجهة الدور الإسرائيلي أو الأمريكي. ما أسخفهم عندما يقولون إن روسيا جاءت لتطهير سوريا من الإرهابيين المدعومين أمريكياً وإعادة الاستقرار إليها، كما لو كانت روسيا جمعية خيرية لمساعدة المحتاجين. ليس هناك ما يثبت أن روسيا تصارع الأمريكيين في سوريا. وفي أحسن الأحوال ربما تكون عملية تقاسم مصالح بين الروس والأمريكيين، إن لم نقل إن الروس يسمسرون للأمريكان في سوريا، كما فعلوا من قبل عندما ضغطوا على القيادة السورية لتسليم سلاحها الكيماوي الاستراتيجي نزولاً عند رغبة إسرائيل وأمريكا. من يجرد سوريا من سلاحها الاستراتيجي لصالح إسرائيل لا شك أنه أقرب لإسرائيل منه إلى النظام السوري. وعلى المطبلين والمزمرين للتدخل الروسي في سوريا أن يتذكروا «اتفاق كيري-لافروف» الذي وصفه البعض لاوقتها بأنه بمثابة سايكس-بيكو جديد وربما أخطر، على صعيد تقاسم النفوذ والثروات وتمزيق المنطقة بين الأمريكيين والروس. وقد اعترف السيناتور الأمريكي الشهير ليندسي غرايام في استجوابه الشهير لوزير الدفاع الأمريكي قبل فترة بأن أمريكا باعت سوريا برضاها لروسيا وإيران ضمن لعبة تبادل المصالح.

إذاً: مهما تبجح جماعة الممانعة والمقاومة بعلاقتهم وتحالفهم الاستراتيجي مع روسيا، فمن المعروف أن التحالف الروسي الإسرائيلي يبقى أقوى بعشرات المرات لأسباب كثيرة. فلا ننسى أن اليهود الروس الذين يزيد عددهم على المليون في إسرائيل هم من يحرك السياسة الإسرائيلية، وهم على ارتباط وثيق بروسيا. وكلنا يتذكر صورة الرئيس الروسي بوتين وهو يرتدي القلنسوة اليهودية وهو يزور موقع حفريات «الهيكل» تحت المسجد الأقصى، ويبارك الحفريات التي ستهدم ثالث الحرمين الشريفين في يوم من الأيام. ولو لم تكن أفعال روسيا في سوريا تروق للكبير الأمريكي وتابعه الإسرائيلي، لما تجرأت روسيا أصلاً أن ترسل طائرة ورق إلى سوريا. ولو أرادت أمريكا أن تعرقل التدخل الروسي في سوريا لأعطت المعارضين السوريين عشرة صواريخ مضادة للطائرات فقط لإسقاط الطائرات الروسية في الأجواء السورية، فذهبت هيبة روسيا أدراج الرياح، وتحولت بين ليلة وضحاها إلى مهزلة دولية.

ولمن لا يعرف معنى كلمة «ماناجاتوا» Ménage à trois الفرنسية التي وردت في عنوان المقال، فهي تعني علاقة بين ثلاثة أشخاص، وهذا النوع من العلاقات ينطبق حرفياً على التحالف الروسي الإسرائيلي الأمريكي في سوريا. ثلاثة في فراش واحد.

فيصل القاسم – القدس العربي

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫11 تعليقات

  1. طبعا استاذ فيصل داءما تكتب كمان نفكر انك تترجم تفكير كل انسان واعي مكتوم الصوت الى مكرفون يسمعه القاصي والداني ولكن لدي ملاحضه بسيطه نسيتها يا استاذ وهي ان هدا الحلف الامريكي الروسي الاسراءيلي السوري ليس وليد هذه الحرب الان ولكن الحرب كشفته واخرجته الى العلن هل تتصور يا استاذ فيصل ان هدا الجيش الطاءفي الذي يصحو كبار ظباطه وعناصره من الصباح على قرقعة المتي ومسبة الاله غضبا او مزحا والتفكير ماذا سيسرق اليوم وفي الليل دعاره وسكر وعربده ان يكون مجاهدا ومحررا لفلسطين والقدس كل من ادى الخدمه العسكريه كان يعرف هذا الشيء والله ان مافعلوه في سوريا طوال الخمسين سنه من نهب وسلب وذل وخوف وفي خمسة سنين من قتل وتعذيب وتشريد وتدمير نستحقه لاننا سكتنا لهم من البدايه فصدق الجحش وابنه انهم اسود فعلا ونككلوا بنا شر تنكيل

  2. C’est vrai , ménage à trois , mais avec leurs petits chiens du golfe , dont ton chef , petit monsieur l’écrivain.

  3. وصفك جميل لهذه العشرة الثلاثية ولكن نسيت بعض الصغار في هذه المعاشرة مثل النظامين السوري والعراقي ونظام الملالي في طهران ولكن ربما معك حق فانت تصف النظام السوري بالعنين دائما وربما يكتفي وزميليه بالمشاهدة فقط

  4. ايه ما هي اكلة عصيدة اعطائهم عشرة صواريخ مانباد وبتنزل الطيارة !!!! طب ليش قطر ما بتعطيهم او السعودية ؟؟ سؤال مهم بل اردوغان ليش ما بيعطي المهاجرين مانباد هدية من الانصار ، خايف من اميركا ؟ الباكستان عندون منظومة تسمى عنزة يلا جربوا حظكون معها ، للصراحة المانباد لا مداه لا يتعدى في افضل الاحوال 5500 متر مع كامل المناورة وبالتالي لا يصلح الا لاسقاط الطوافات القديمة ، بس خريج ادب انكليزي شو حيفهموا بالسلاح عميحكي من ***وا بيقلك بلكي بتمرق

  5. لا أدري لماذا يصر القومجيون والناصرجيون والمقاومجيون العرب وبقايا اليسار الهزيل على تصوير الصراع في سوريا على أنه صراع بين الشرق والغرب،
    اضف معها وجبهة النصريون المتحالفه مع الصهاينه.

    1. صدقيني انا احترم كل كلمة تقال ولكن الذين يسرقون الكلام والمتفذلكين امثال المواطن اللبناني وامثالك يدعون للقرف والغثيان

  6. لتكون من اتباع جبهة النصريون انت.لكن ياريت تتعلم وتعرف بانه في اللغه العربيه شي اسمه اقتباس وهذا لا يعد سرقة حتى لا تصاب بالقرف والغثيان على الفاضي يا فيلسوف.

  7. منين جايبينلي هاي: الدكتور قاسم!؟
    لا دكتور و لا خرى…هو مسمي حالو دكتور متل كتير من العرب باوروبا.

    1. الله ياخدك شو انك انتهازي ابن حرام مرة تانية انت ابو حيدرة مو ابو عمر تستعمل التقية يا ابن المتعة

  8. ايه بس على الاقل مافي باسمي كره او عنصريه!
    بعدين ليش زعلت؟
    الزلمه مو دكتور، مافي شي بيزعل.
    خلص سميه انت دكتور مشان تحس انو الك قيمه في المجتمع و حدا الو منصب عم يحكي معك.
    على ايه خط مكرو كنت شغال بلله؟