تمثال حافظ الأسد يخاطب السوريين : عودوا إلى زريبتنا !

لقد قلناها مراراً لكل من كان يحاول إقناعنا بأن الثورة ستغير من سلوك النظام وتصرفاته وعقليته، قلنا إن النظام لن يتغير إلا للأسوأ فيما لو استتب الوضع له مرة أخرى. لقد حاول البعض الضحك علينا بالقول: صالحوا النظام، فلن يعود كما كان، لأن الأحداث غيرت عقليته، وستغير طريقته في الحكم. لكننا كنا نقول: أنتم مخطئون تماماً. وها هي الأيام تثبت صحة كلامنا. فقط أنظروا إلى منطقة الساحل السوري معقل النظام الأول. لقد بات حتى المؤيدون يترحمون على أيام النظام الخوالي قبل الثورة. لقد عاد الخوف والإرهاب مضاعفاً عشرات المرات حتى إلى مناطق النظام التي ساندته ووقفت معه، وقدمت عشرات الألوف من شبابها في حربه المجنونة على الشعب السوري، ومع ذلك فقد باتت مناطق النظام تشعر بالرعب من جديد بعد التدخل الروسي في سوريا، بعد أن استعاد النظام أنفاسه قليلاً. فكيف سيتصرف إذاً عندما يعود ويمسك بمفاصل السلطة الأمنية والعسكرية بشكل كامل لا سمح الله؟ لا شك أنه سيجعل كل السوريين يترحمون على الأيام الخوالي بالتأكيد. إعادة التمثال باختصار هو مثال بسيط على ما يحضره النظام لسوريا في حال انتصاره.

رجعت حليمة لعادتها القديمة والنظام يلعق جراحه: تخيلوا ماذا سيفعل إذا استعاد قوته، وماذا سيحدث للشعب الذي ثار عليه. لقد بات حتى سكان المناطق المؤيدة في الساحل السوري مسبقاً يشتكون همساً من وحشية الشبيحة الذين سلطهم النظام حتى على مناطق مؤيديه. ولطاما وصلتني رسائل كثيرة من بعض المعارف في الساحل السوري وهي تقول: تعالوا وشوفوا كيف عاد النظام أشرس وأعتى وأحقر بعشرات المرات مما كان عليه قبل الثورة. عاد لينتقم ويتنمر ويستأسد وينكل، لا بل عاد ليتفنن بالدوس على الرقاب وتأديب العباد في اللاذقية فما بالك في غيرها.

وكي يؤكد على أنه لم يندم قيد شعرة على ما فعله بالسوريين على مدى ست سنوات، ها هي مخابرات الأسد تستفز السوريين جميعاً، وتعيد تمثال حافظ الأسد إلى قلب مدينة حماة بعد أن اضطرت إلى سحبه خوفاً من هجمات المتظاهرين قبل حوالي ست سنوات. لا تقللوا من خطورة هذه الخطوة ورمزيتها، فهي رسالة صارخة من النظام إلى السوريين الحالمين بالتغيير والإصلاح بأن يسنوا أحلامهم بفتح صفحة جديدة، بل عليهم أن ينتظروا فقط البسطار المخابراتي والعسكري.

لاحظوا أنهم أعادوا تماثيل حافظ الأسد إلى حماة وليس أي تمثال آخر، وكأنهم يقولون للشعب السوري إنكم ستترحمون حتى على فترة بشار الأسد قبل الثورة التي اتسمت بقليل من الانفتاح، وستعودون إلى فترة حافظ الأسد الوحشية بكل تفاصيلها رغماً عن أنوفكم.

لا تنسوا أنهم أعادوا التمثال في ذكرى مجزرة حماة، وكأنهم يذكرون أهل المدينة والشعب السوري عموماً بأننا لن نتغير. إنه تحد صارخ لكل من رفع صوته ضد النظام، وطالب بقليل من أوكسجين الحرية. إنها صفعة قوية لأهل حماة الذين يحبون حافظ كما يحب البشر مرض السرطان، مع ذلك أعاد بشار الأسد تمثال أبيه إلى المدينة كرسالة استفزاز وإذلال لأهل المدينة وبقية المدن السورية المحروقة. لقد أراد نظام الأسد أن يقول للسوريين: لا بأس أن أبيع سوريا مقابل أن أبقى جاثماً على صدوركم. ويقول أحدهم ساخراً: هل تعلم أن أغلى تمثال في العالم هو تمثال حافظ الأسد الضخم في حماة حيث دفع بشار ثمن إعادته مدينتين تاريخيتين هما حلب للروس ودمشق للإيرانيين.

لاحظوا أن النظام أكثر اهتماماً بإعادة تأكيد سطوته وفاشيته على السوريين من الاهتمام بعذابات حتى المناطق المؤيدة، فقد تزامن الاحتفال بعودة التمثال مع أزمات معيشية خانقة في الساحل السوري حيث تطالب الناس هناك بليتر بنزين أو مازوت وساعة كهرباء وحبة دواء، لكن بدلاً من تلبية أبسط حاجيات مؤيديه، قام بشار الأسد بإعادة تمثال والده إلى حماة، مما جعل البعض يقول للمؤيدين ساخراً: «خلي تمثال حافظ الأسد يعيد لكم الكهرباء، ويؤمن لكم البنزين والمازوت والخبز». رئيس مهتم بإعادة تماثيل الحجارة لسوريا، ولا يكترث بملايين المهجرين لا بل يحرض عليهم، ماذا تتوقعون منه في مقبل الأيام؟

البعض لم يعط أهمية كبيرة لإعادة التمثال، فهي، برأيهم، ليست إلا حركة ضمن إطار الحرب النفسية ضد المعارضة لرفع معنويات الشبيحة والممانعجية الذين يذوقون ويلات حرمان جميع أشكال متطلبات الحياة في مناطق الداخل التي تقع تحت سيطرة عميل روسيا بشار …وهي حركة سخيفة تشبه على سبيل المثال لا الحصر خطاب النصر المعهود للنظام ونظرية «خلصت» بعد السيطرة على أي ضيعة أو مدينة. إن إعادة التمثال ما هي إلا إنصاف لثوار حماة الأبطال الذين حُرموا من فرحة التبول على هذا الصنم بعد إزالته. وها قد أعاده الوريث القاصر لهم…. وإن غدا لناظره لقريب، كما يتفاءل البعض.

لكن البعض الآخر يقول: أيها السوريون: النظام يريد أن يقول لكم: سننتقم من كل من كتب كلمة ضدنا على مدى سنوات الثورة، وستعودون جميعاً إلى زريبة القائد الخالد الذي يتحداكم بعودة تمثاله الآن إلى حماة ولاحقاً إلى كل المناطق السورية التي حطمت التماثيل. هكذا يفكر النظام وهو منهار ويلعق جراحه، فكيف سيتصرف إذا استعاد كامل عافيته الأمنية والعسكرية؟ لا تتوقعوا أي خير أيها السوريون، فعودة التمثال رسالة واضحة لكم جميعاً، وما عليكم إذا أردتم أن تنتزعوا حريتكم إلا أن تدوسوا التمثال مرة أخرى، وأن تعملوا جاهدين على منع بقية التماثيل من العودة إلى بقية الساحات والميادين السورية.

لا يفل الحديد إلا الحديد!

فيصل القاسم – القدس العربي

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫6 تعليقات

  1. وأنت متى ستخرج من زريبة بالجزيرة حين تجد من يدفع لك أكثر …لكي لا تقوم بالتحريض مرة أخرى بحجة تمثال المقبور أعلمك أن الأمور قبل دخول الأرهابيين لسوريا و سيطرتهم على ثورتنا و طبعا بتأجيج زريبة الخنزيرة التي تعلفك لن يعود كما كان و باذن الله سنعود كثورة بناء و ليس دمار كما تحرض أنت و أسيادك…

  2. النظام السوري عبارة عن عصابات من المافيا وتتبع بتسلسل هرمي عصابات المافيا الروسية وملالي ايران كلهم يعيشون على المخدرات والسرقة والارهاب والتدمير وهذه الحركة من النظام ماهي الا خطوة أولى لترهيب جميع الأطراف من الموالين ومن المعارضة

  3. ان انتصار الاسد القاتل والذي هدم سوريا ومزّق نسيجها الاجتماعي وهجر الشباب ، وإرم النساء وثكل الأمهات يعني انطلاق دولة تشبيحية من الطراز الاول ، تتحكم بها حثالة الحثالات من الشعب السوري من الفاسدين والسارقين والمعفشين والمنتفعين والقتلة والخاطفين ، وتعود المنظومة الأسدية المخلوفية لنهب البشر في المدينة والريف ، انتصاره يعني الركوع امام الفارسي المتخلف واللبناني الحشاش الذي يمتلىء حقدا على السوريين ، يعني الركوع امام الوسخين من الحشد الشعبي الطائفي العراقي المتوحش ، يعني الخنوع والعودة لمزرعة الاسد والعيش على فتات الأسياد والنوم خوفا من الإعتقال او البطالة ، يعني الخنوع للمافيا الروسية الفاسدة ،والمتخلفة ، يعني الانقطاع عن العالم المتمدن والاندماج بالتخلف الإيراني الديني ، يعني زمج الاستبداد المدني الاسدي بالاستبداد الديني ايضا الاسدي لينافس داعش في قهر السوريين باسم الله وذلك عن طريق الدفع بجيش من المشايخ الشباب ممن تربوا في مكاتب المخابرات والذين ألقى عليهم العلامة الاسد مؤخراخطابه عن الدين والحياة ، وهذا لا اكثر ولا اقل من استخدام الدين للانطلاقة التشبيحية . امام السوريين الموت او الموت اما بكرامة او بالإذلال . شعار الموت ولا المذلة هو شعار الماضي والحاضر

  4. سنوات طويلة والجزيرة بتعرض برنامج الاتجاه المعاكس ممثل بفيصل القاسم السؤال شو فائدة هذا البرنامج (غير الفائدة الربحية للقناة وراتب الاستاذ) على قضايا بلادنا, شو استفدنا غير المسخرة والشتائم على الهواء والسخافات الي بتصير الي ما بتثبت الا شي واحد انو برنامج تافه خالي من بروتوكولات النقاش والاحترام بين الاطراف … انا واحد من الناس الي ما بشوف هالبرنامج من زمان لانو كتير تافه

  5. يا ابو شام بعض النظر كيف بتشوف برنامج فيصل فالحقيقة هوي برنامج موجه للناس يلي بتفهم وبيوعي الناس على حقائق الاجرام والفساد والخفايا في عالمك العربي القذر “..