نهاية الكيان السوري ؟

تفاقم التعقيد الذي تشهده القضية السورية، يشير بأنّ الحديث عن الحفاظ على سورية موحّدة بات أشبه بشعار للاستهلاك الإعلامي، فعدا عن ابتذال القضية، على مستواها السياسي إلى مفاوضات على المفاوضات، تتسارع على الأرض وتيرة التلاعب بالديمغرافيا، في شكل بات يهدّد عملياً وحدة الكيان السوري الحديث.

صحيح أن سورية، بطبيعتها كجزء حيوي من المشرق، تعرضت خلال حقب تاريخية مختلفة إلى تغيرات في تركيبة سكانها، أبرزها ذاك الناتج من نهاية الحرب العالمية الأولى وانهيار السلطنة العثمانية، ثمّ ذاك الذي أحدثه الانتداب الفرنسي. إلا أنّ معظم تلك التغيرات تميّزت بما يمكن أن نسميه بقدرة الكيان الذي كان قيد التشكّل، على استيعابها. فضلاً عن كونها، في بعض الحالات، أقرب إلى حاجة أو ضرورة لاكتمال ذاك الكيان ونضوجه، الأمر الذي نجد مثاله في تطور منطقة الجزيرة السورية، التي كان لأكرادها وأرمنها الدور الرئيسي في جعلها مركزاً حيوياً. بيد أنّ القاسم المشترك في تلك التغيرات السكانية أنها ذات طبيعة أقلويّة، ذاك أنّ معظم الجماعات التي استقرّت في أماكن جديدة كانت من الأقليات، أكراد وأرمن وآشوريين وغيرهم، وهذا بدوره ما ساهم في بروز قضية الأقليات في سورية، والتحديات التي فرضتها على النخبة السياسية، خصوصاً البورجوازية المدينية السنية، أو طبقة الآباء المؤسسين للكيان.

وبغض النظر عن طبيعة ردّ فعل تلك الطبقة على تلك التغيرات، وأخطائها السياسية في فهم مسألة الأقليات، إلا أنّها، في النهاية، استطاعت تقبّلها، والأرجح أنّ هذا التقبل نتج من ثقتها بأكثريّتها طالما أنّها ليست عرضة للخطر، بخاصة أنّ التغيرات كانت تتم في مناطق طرفيّة، والأهم أنّ تعريف الانتداب الفرنسي للأقليات كان تعريفاً دينياً، إذ كان التركيز الأكبر على المسيحيين والأقليات المسلمة غير السنية، وهذا ما همّش قضية الأكراد السوريين، الذين استبعدوا من تصنيفهم ضمن الأقليات المتوجب الحفاظ على حقوقها. بالتالي، رأى الآباء المؤسسون في العروبة وحاملها السنّي ضامناً لسلامة الكيان.

والحال، أنّ المعادلة اختلفت جذرياً اليوم، مع انهيار العروبة واشتداد عصب الهويات الصغرى، ومع توضّح معالم المخطط الإيراني للتلاعب بديمغرافيا البلاد برعاية نظام الأسد. فعدا عن أنّ العملية تعتمد العنف المنهجي كأداة رئيسية لها، فالجماعات التي يتم اقتلاعها من أماكنها هي جماعات أصليّة، من نسيج محيطها، واقتلاعها يتمّ على أساس مذهبي صريح، وهي المرة الأولى في تاريخ البلاد التي تتعرض فيها الأكثرية السنيّة إلى عملية تهجير. أمّا عملية سدّ الفراغ الحاصل عن هذا التهجير فتعتمد على عاملين، أوّلهما إحلال جماعات شيعيّة في معظمها من خارج البلاد، وثانيهما الحؤول دون عودة الشتات السوري في الخارج، الأمر الذي سيؤدي لاحقاً إلى نشوء قضية «حق العودة»، تحاكي قضية عودة الفلسطينيين لناحية استحالتها العمليّة وممانعة القوى الدولية لها. وما من شكّ في أنّ هذا التلاعب الديموغرافي يُفخّخ أي احتمال لاستقرار الكيان في المستقبل، ويَعِدُ بحروب أهلية لا نهاية لها في حال تمّ الأمر، فما يجري لا يقتصر على أطراف البلاد وأريافها، بل يطاول المدن الرئيسية أيضاً، كحمص وحلب. وفي هذا كلّه دليل آخر على ارتباط مصير الكيان السوري بمسألة الأقليات، التي استثمرها الأسد وحلفاؤه لمصلحتهم، في وقت ما زال خطاب المعارضة عاجزاً عن مقاربتها، ويريد لسورية أن تكون عربيّة قبل أن تكون سوريّة، إن كُتب لها البقاء.

حسان القالش – الحياة

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫11 تعليقات

  1. مع الاسف العربي السني يعيش اوهام الماضي بان يكون مذهبه هو المصيطر ولغته ويتلاعبون بالالفاظ كحقوق المواطنة و ما الى ذلك من الفاظ و على راسهم الاخوان و اذا علمنا ان في ارقى الديمقراطيات لم تحل مشكلة الاقليات الا عن طريق الاعتراف بخصوصيتهم في مناطقهم اي بحكم فيدرالي او ذاتي الخ فلذلك سيدفع الشعب اثمان باهظة للوصول الى ذلك او تتفتت سوريا الى دويلات و من بعدها يصحون من عنصريتهم واكبر مثال السودان

    1. جمال عمر حتى عنصريتك ظهرت بخطابك الفئوي لاتنسى ان سوريه جزئ من الوطن الوطن العربي وﻻ احد ينكر ذلك وسويه العربيه احتوت كل اﻻعراق والطوائف بامن وسلأم ولم تبرز العنصريه اﻻ بفترة 6 سنوات من امثالك تحيا الجمهوريه العربيه السوريه واحده موحده بشعبها بكل طوائفه واجناسه التي اندمجت بالنسيج السوري

  2. تعقيب : ورد يللي مسمي حاله جمال عمر . هل انت عربي طبعا لا . هل انت سني طبعا لا . اذ لو كنت عربيا سنيا لما تكلمت بلهجة عنصرية حاقدة … قاتلكم الله كم أنتم قذرون .

    1. اساسا يا صديقي جمال عمر كردي حالم و يرى كوابيس كثيرة مثله مثل الكثير امثاله من الاكراد اليوم مع النظام غدا مع المعارضة و بعده مع اردغان و بعده مع الذي يعلوا برجه و عندك الباقي و المعرفة ….. فلا تلوم مذبذب و متلوي و منافق ……

  3. ما نراه الآن في سوريا واقع شاذ و استثناء لا يمكن أن يستمر مطلقاً على ضوء الشواهد التاريخية التي حصلت مع أمتنا في صراعها مع أعدائها.
    سنة “و تلك الأيام نداولها بين الناس” سارية المفعول دائماً و هي تعني أن هنالك يوم لك و يوم عليك و يوم تساء و يوم تسر. بعد الحرب العالمية الثانية دخلنا في مرحلة السوء و قام الاستعمار البريطاني -الفرنسي برسم خريطة التجزئة ثم جاء الاستعمار الأمريكي “الفصيح !” ليقسم المقسم و يجزئ المجزأ فشن حرباً شاملة على “الشعوب” العربية {و ليس الحكام} من أجل صناعة شرق أوسط جديد فيه فوضى هلاكة تضعف الأغلبيات و تقوي الأقليات و تغير من التركيبات السكانية. بمعنى آخر نفس الممارسات الصليبية – التتارية السابقة التي باءت بالفشل . الفرق بيننا و بين الأعداء عقيدي في الجوهر فنحن نؤمن بأن الشام و العراق هي لهذه الأمة التي سوف تنهض بعد عثرة لتكيل الصاع صاعين لكل من عاداها و لسوف تنتصر بعون الله.

  4. سوريا التي كنا نعرفها أنتهت بسبب الكلب النصيري بشار الأسد
    الذي فضل تدمير سوريا وتسليمها محترقة الأحتلال الايراني والروسي

    1. بس نحب بعضنا ونتروك الانتماء الديني صدقني منتتصر عاستين بشار ومن امثاله ….. مع احترامي لك

  5. الله أكبر كم إننا شعب تافه!!!
    ياصديقي ألا تلاحظ أنكم تنظرون الى الامور البسيطة والتافهة وتتركون قصة وطن بأكملها صدقا الله اكبر عليكم
    صدقا كل الذي يجري في سوريا هي من عدم محبتنا لبعضنا البعض هذا الشئ الوحيد الذي جعل من الأغراب يطمعون بإحتلال أرضنا ويقسمون الذي بقي موحد فينا .
    بضراحة أقول لنفسي قبل ان اتوجه بهذا الكلام لكم (( حلال عاربهم لقد وجدوا فينا ضالتهم شعب الله اكبر كيف يفكر )) لك بدي احكي بالعامية اسمحوا لي… التفكير الرجعي الذي يتحكم بعقولكم هو الذي اوصلنا لهون انتم خرجتم تنادون وتطالبون بالحرية وحرية الرأي بحب قول لكم طز وستين طز بالسني ليجي وراه الشيعي والعلوي والكردي والمسيحي ووووووو…..إلخ .
    أنا سوري بإنتمائي لسوريتي ولوطني بكافة اطيافه والوانه واديانه انا سوري وبس ولست عربي ولا يشرفني أن أكون اعرابي في وقت خذلونا فيه العرب وعاملونا بعنصرية و طز بأول واحد عربي لآخر واحد عربي .
    بقا حاج بقا حاج ياشباب فكروا صح كرمال الله لان اذا فكرتوا صح اول المحبين لكم والذين يدعون محبتهم لكم سوف تغيظوهم لانتمائكم لسوريتكم
    حرام راح بلدنا ونحنا بعدنا منفكر انت شو دينك وانت لمين تابع ومن اي منطقة عييييييييب اصحى أيها السوري .
    مع حبي واحترامي لكل السورين فقط بكافة اديانهم .

  6. انشاء تبقى سوريا موحدة . انا متفائل خير ان هناك في حل سياسي يضمن وحدة سوريا وانتقال سياسي وحكومة جديدة بدون السفاح بشار المجرم