أوهام الرهان على إعادة الإعمار في سوريا

باتت معركة إعادة الإعمار في سورية آخر المعارك الكبرى المنتظرة في الصراع السوري المعقّد، وهي المعركة التي تتكثّف فيها رهانات الأطراف المختلفة، وتشكّل الاختبار الحقيقي لإراداتهم السياسية ورؤاهم الجيوسياسية بعد أن جرى توضيب عناصر الصراع الأخرى بطرق مختلفة، تفاوضية وتهادنية، بما يتناسب ومقاربة الأطراف الفاعلة ميدانياً، روسيا، وإيران بدرجة أقل.

في مقابل ذلك، تنازل الغرب والعرب عن متابعة تفاصيل الصراع وطرق تسويته وعملية إخراجه النهائية، وفضلوا عدم مزاحمة روسيا بالحل، ربما لقناعة هذه الأطراف أن أي محاولة للصدام مع روسيا سياسياً وعسكرياً لن يكون لها جدوى بعد ان حقّقت الاخيرة سيطرة شاملة في سورية، حتى أميركا الطرف الغربي الأكثر انخراطاً في الصراع اقتصر اهتمامها على جزئيات محدّدة ومناطق ترتبط بأمن حلفائها في المنطقة.

يتركز الرهان الغربي- العربي على أن روسيا، الطامحة ليس فقط إلى اعتراف هؤلاء بها قوة أساسية في سورية، بل والإفادة من عملية إعادة الإعمار مالياً عبر شركاتها التي ستتولى جزءاً من تنفيذ العملية، ستضطر إلى تقديم تنازلات سياسية تقترب خلالها مع مقاربتهم التي تدعو إلى تصميم عملية سياسية تلحظ مشاركة المعارضة في الترتيبات السورية القادمة وإعادة صياغة نظام الحكم بطريقة جديدة تؤدي إلى تعديل الحياة السياسية في سورية وأن لا تتم إعادة إنتاج نظام الحكم القديم، وهو ما تحاول روسيا الالتفاف عليه عبر تعديلات دستورية محددة تبقي على هيكل نظام الحكم مع خفض صلاحيات رأسه.

وانطلاقاً من حقيقة أن روسيا هي صاحبة الدور الأكثر تأثيراً في سورية، فإن التقديرات يجب أن تنطلق من معرفة الأولويات الروسية وحساباتها للربح والخسارة، وقراءة المعطيات بشكل واقعي وليس عاطفي ورغبوي لصياغة موقف سليم من قضية الإعمار في سورية وموقف روسيا منها.

لا تشكل عملية إعادة الإعمار بحد ذاتها أولوية روسيّة، لا شك في أن روسيا ترغب في إنجاز مهتمها السورية بنحو أفضل وترغب أن يشار إليها على أنها نجحت في إنهاء الحرب وتحقيق السلام وإعادة إعمار البلد، وهي ما انفكت تتباهى بإعمارها غروزني. لكن ذلك، على أهميته، لا يشكل أولوية مطلقة، على الأقل في الوقت الراهن والمدى المنظور، وترى روسيا أن إعادة الإعمار فرصة لمكاسب سياسية واقتصادية ما دامت روسيا قد ربحت من مختلف مراحل الحرب، ويكفي التذكير بأنها في مرحلة القتال كسبت عقود بيع سلاح كثيرة، وفي مرحلة التفاوض على السلم أصبحت مركز الاهتمام لدول الشرق الأوسط، وهي تريد استثمار كل مرحلة إلى أقصاها، ومرحلة إعادة الإعمار لا زالت تنطوي على فرص كثيرة يستلزم استثمارها. بالإضافة إلى لذلك، لم يمر وقت طويل على عودة روسيا إلى الفاعلية الدولية وقد وفرت لها الساحة السورية هذه الفرصة، وبالتالي فهي لا تزال في طور اختبار الممكنات والفرص التي تتولد عن هذا الوضع بعد غياب دام عقوداً.

في سبيل ذلك، سوف تناور ورسيا في هذه المرحلة في مواجهة الغرب والعرب، وسوف تطرح إجراءاتها باعتبارها تنازلات أو مقدمات للحل في سورية، مع إيصال رسالة بأن هذه الإجراءات ستكون مفتوحة على آفاق كثيرة شرط عدم مطالبتها بضمانات خطية ولا استعجال بهذه الإجراءات. الاستعجال المطلوب هو الانفتاح على الأفكار الروسية والتعامل الإيجابي لها لأن ذلك سيشكل المفتاح لفتح الآفاق المرغوبة.

على الأرض ستحاول روسيا إثبات أن إعادة الإعمار مصلحة غربية وعربية أكثر منها روسية سورية، فهي عدا عن كونها ستجعل هؤلاء شركاء في صنع مسارات الأمور في المنطقة، فإنها بلا شك ستفيدهم اقتصادياً، كما أن الغرب والعرب، على السواء، الذين لا يريدون وقوع سورية تحت سيطرة إيران، عليهم ترجمة ذلك في مشروع إعادة الإعمار وبإجراءات عملانية تؤدي إلى تقوية مواقعهم وتقوية الدولة السورية وليس فقط عبر الضغط على روسيا لتحجيم نفوذ إيران والذي يبدو أنه طلب غير واقعي في هذه الظروف.

غير أن المناورة الأكبر والتي بدأت روسيا بالقيام بها، تتمثل في إيصال رسالة إلى الغرب والعرب أن لديها بدائل عن مساهمتهم في هذا المجال، وهذه البدائل تتمثل في شركاتها وشركات إيران والصين. صحيح أن العملية ستتأخر نظراً لنقص حجم التمويلات وستنطوي على مشكلات فنية لكنها في النهاية ستنجز.

من جهة أخرى بدأت روسيا السماح لبعض المناطق التي عقدت مصالحات بإدخال مواد البناء لترميمها ما يعني أن جزءاً من العملية سيضطر السوريين إلى القيام به وإنجازه كيفما اتفق ليستطيعوا ممارسة حياتهم ولو بحدودها الدنيا، وهو شكل تلفيقي لإعادة الإعمار.

في ظل هذه الوقائع، بالإضافة إلى ظهور مؤشرات عن تسابق الشركات وبعض رجال الأعمال في المنطقة على الفوز بحصة من كعكة إعادة الإعمار، الخوف أن لا تجد روسيا نفسها مضطرة لتقديم تنازلات جوهرية في الحل السياسي المرتقب بما يؤدي إلى تبخر الرهانات على عملية إعادة الإعمار لإعادة التوازن المفقود في سورية.

غازي دحمان – الحياة

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫11 تعليقات

  1. لو كان الامر بايدي .. كنت اول شي شرعت قانون لتحديد النسل ب 3 اولاد ويلي بده زيادة بده يدفع ضرائب باهظة ..
    ثانيا .. كنت رح اعمل دورات تدريبية لتخريج معلمين ومعلمات اكفاء ومخلصيين طبعا مع اعطاهم الدور الاهم والمركز الابرز بالمجتمع .. ثالثا تغيير المناهج وتطويرها .. ,,,,,,,, محاربة الفساد والمفسدين ..
    بالمختصر بناء الانسان هو الاهم لذلك ماعندي امل بالبناء لان شعوبنا راحت على اوروبا وحصلت على كل شي بس بدل ما تحاول تندمج اتكتلت ضمن كانوتونا عربية مريضة واستنسخت نفس الامراض الاجتماعية يلي دمرت بلادنا وجابتها للغرب

    1. كلامك صحيح ببلادنا فقط تحت حكم الحرمية وقطاعين الطرق يلي نهبوا خير البلد وصارت الدولة بعدهم عبارة عن جابي ضرايب متمثلة بوزارة المالية فقط.. اما بقية الوزارات فحارة كل مين ايدو الو لا تعليم ولا صحة ولا ثقافة ولا شي!!
      بالغرب يا عزيزي ولنقل السويد او المانيا لما تجيب الام خامس ولد بقعدوها بالبيت مع راتب مدى الحياة ودلال ما بعدو دلال وتعويض بزيد مع عدد الاولاد كرمال يشجعوا الانجاب لانو السكان بالنسبة الهم ثروة قومية وليسوا بنقمة.. طبعا لان فساد مافيه فالمواطن حيشتغل ويدفع ضرايب ويزيد الدخل القومي وكلما كتروا الدفيعة زاد النمو والتربية مسؤولة عنها الدولة بالمدارس بعلموا الولد كل شي والام هي عبارة عن طباخة ولفاية بكتير من الاحيان!! لهيك الشعب الالماني مثلا بتحسو مستنسخ استنساخ بحب وبيكره نفس الشغلات وكانو كلو عايش ببيت واحد بالوقت يلي نحنا ابن الشام بيتربى بطريقة مختلفة عن ابن درعا مثلا!!
      اما فكرة الكانتونات للجالية المسلمة فبارجع باكدلك مرة تانية للنو سبق وحكينا.. الحق على دول اوروبا العنصرية يلي ما بتشغل ابو شعر اسود بالوظائف المريحة والقيادية وبتتركلو بس الوظائف القذرة.. اما الوظائف الحكومية فهي حلم حتى لو كان من تالت جيل!!
      ودليل كلامي واتحداك تقدر تنكر.. امريكا وكندا وجزئيا بريطانيا.. اتفضل ورجيني الكانتونات يلي شايفها انت بفرنسا ازا بتلاقيها هنيك!!
      راجع مقالة البروفسور بسام الطيبي على عكس السير وتصريحو الخطير عن فرق الاندماج بين المانيا وامريكا يلي لمسو لمس اليد من خلال اقامتو وسفرو بين البلدين!!
      خلافي معك باعتقد بنقطة اساسية باي تعليق.. انت بتعد انو المواطن يصنع الحكومة.. وانا مؤمن ان الحكومة تصنع المواطن وسبق وذكرتلك مثال سنغافورة يلي زعيمها حولها ب٣٣ سنة بس من شعب كسول ربعو بنام بالشارع لدولة شبه عظمى!!
      بالنهاية لكل رايه واختلاف الاراء لا يفسد للود قضية.. تحياتي

  2. سؤال دائماً يراودني؟
    عندما تقول الام العلوية ولادي (الشهداء) الأربع فدى بشار؟
    بشو تفكر لما تحط رأسها عالمخدة؟

    1. بتفكر انو العيشة بلا ولادها احسن من العيشة بظل نظام عادل رح يشغلها بشي معمل محارم او بسكوت تعبي علب لتقدر تاكل وولادها الاربعة لو بقيوا عايشين كانوا اشتغلوا واحد عتال وواحد بغال بشي مزرعة تربية بقر بعبي تبن ومي للدواب وواحد بدور بالشوارع بلم خبز يابس ونحاس والمنيوم (لانو حتى وظيفة عامل التنظيفات فوق مستوى مؤهلاته..لازم يكون عندو حد ادنى من الفهم والادراك يلي غير موجود عندو للاسف) واخر العنقود والدارس بين رفقاتو لانو معو شهادة اعدادية بيقعد عامل بالبوفيه بشي دائرة حكومية بساوي قهوة وشاي!! طبعا ما رح احكي عن المحكامات والملاحقات القضائية وغير القضائية لبقية شباب هالملة النجسة يلي حملت سلاح وقتلت فيه ولاد بلدها وجيرناها وما فطست بالمعارك وبقيت عايشة!!

      صديقي..انا ما عم امزح عفكرة..هي ناس عم تدافع عن حياتها حاليا لان يلي كتبتو حيصير لو زبطت البلد وكل واحد توظف بمؤهلاته… لهيك عم تشوف هالاستكلاب االفريد من نوعه لبقاء بشار يلي امنلهن وظائف ورواتب ببلاش وسرقة ورشاوي مغضوض النظر عنها خلتهن يعيشوا ملوك رغم انو واحدهن ابتدائية ما معو اخدها بالواسطة…على مبدا انا ميت ميت خليني قاوم بركي بعيش!!

    2. صح لسانك.. هيك مخلوقات ما بناسبها دولة مدنية عادلة ديموقراطية تعطي الفرص على اساس الكفاءات.. نظام بشار هو أفضل خيار إلهم.

  3. يلي براهن على إعمار سوريا بشكل فعلي مخطئ.. شوفوا العراق بعد “تحريرها” عام 2003. العراق يلي ما شافت 1% من يلي صار بسوريا مقدار السرقة والنهب والفساد فوق التصور.. أي نعم أجت شركات شيل وكنتاكي ومكدونالدز وفتحت فروع.. بس فكرك أمريكا عملت أي تنمية بالعراق أو على الأقل بغداد؟ بغداد اليوم أسوأ عاصمة في العالم للمرة الخامسة مدري السادسة.. وروسيا لسا أسوأ كونها نظام اشتراكي فالبلوة أكبر..