BBC : ما سر تمسك إيران ببلدتي نبل والزهراء في ريف حلب ؟

يؤكد بعض المسؤولين الروس بأن الأوضاع في سوريا تتجه نحو الاستقرار باستثناء بعض المناطق في شمال غربي البلاد، لكن الواقع يجافي ذلك فالمعارك في حماه وادلب وريف حلب شردت خلال الاسابيع القليلة الماضية نحو مئتي الف شخص الى جانب مقتل نحو ألف شخص في مناطق المعارضة بينهم مئات الاطفال والنساء.

كما شهد ريف حلب الشمالي محاولة بعض فصائل المعارضة السورية وبالتعاون مع الجيش التركي السيطرة على بلدة تل رفعت في ريف حلب الشمالي.

وتقع تل رفعت بالقرب من بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين وهاتان البلدتان تحاذيان الطريق العام الذي يربط مدينة حلب ببلدة اعزاز الحدودية مع تركيا والتي تسيطر عليها المعارضة.

وتسعى تركيا بالاتفاق مع روسيا إلى فتح الطريق البري بين تركيا حلب بهدف تنشيط حركة التجارة، لكن تواجد الميليشيات الإيرانية في البلدتين الشيعيتين وانتشار القوات الكردية في تل رفعت يحولان دون ذلك.

فما الأسباب التي تدفع إيران إلى الحفاظ على وجودها في نبّل والزهراء؟

هناك عدة أسباب تدفع إيران إلى الإصرار على وجودها العسكري في نبُّل والزهراء فهما بمثابة قاعدة لها ومركز وجودها العسكري في ريف حلب الشمالي.

منع تكرار سيناريو الفوعة وكفريا

تعرضت بلدتا الفوعة وكفريا الشيعيتيان في إدلب (عدد سكانهما 7000 نسمة في عام 2015) للحصار منذ عام 2015، من قبل جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام حالياً) وفصائل معارضة أخرى، إلى أن تم التوصل إلى اتفاق بين المعارضة والحكومة بوساطة تركية وروسية لفك الحصار عنهما.

وبموجب الاتفاق، تم إجلاء سكان البلدتين وبينهم مقاتلون موالون للحكومة السورية، في يوليو/تموز 2018، وجرى نقلهم إلى مناطق سيطرة الحكومة بحلب. وبالمقابل، خرج 1500 شخص من بلدتي مضايا والزبداني بريف دمشق، كانتا تخضعان لحصار خانق من قبل الجيش السوري ومقاتلي حزب الله لسنوات.

وبنهاية عام 2018، لم يبقَ شيعي واحد في إدلب، الأمر الذي يخشى الإيرانيون أن يتكرر في كل من نبُّل والزهراء.

صفقة تل رفعت مقابل جسر الشغور

تحدثت وسائل إعلام موالية للحكومة السورية عن ما يشبه صفقة بين روسيا وتركيا خلال جولة أستانة الحادية عشر، تضمنت تسليم بلدة تل رفعت (تبعد عن نبل 15 كيلو متراً) بريف حلب الشمالي إلى القوات التركية والمعارضة الموالية لها، مقابل تسليم بلدة جسر الشغور في إدلب والخاضعة لسيطرة المعارضة إلى القوات الحكومية.

وتتقاسم السيطرة على تل رفعت حالياً عدة أطراف، قوات الحكومة السورية ووحدات حماية الشعب الكردية والقوات الروسية ومليشيات تابعة لإيران وحزب الله اللبناني.

ويسكن في البلدة وريفها حالياً عشرات آلاف الأكراد المهجّرين من عفرين وقراها منذ مارس/آذار 2018.

ووقعت عدة اشتباكات في مايو/أيار الماضي في محاور تل رفعت بين القوات الكردية والفصائل المعارضة الموالية لتركيا، حيث تسعى تركيا إلى إزالة الوجود العسكري الكردي في تلك المنطقة وخاصة بعد نجاحها في السيطرة على عفرين وقراها، مما يسهل فتح طريق حلب- تركيا البري.

وقالت مصادر محلية في تل رفعت إن القوات الروسية سحبت عناصرها عندما بدأت الاشتباكات بين الأكراد والمعارضة، ربما لتسهيل العملية على الجيش التركي والمسلحين الموالين له، لكن الميليشيات التابعة لإيران تصدت للقوات المهاجمة بشراسة، وأجبرتها على التراجع.

وتدرك إيران خطورة سيطرة القوات التركية ومن معها على تل رفعت، إذ يشكل ذلك تهديداً على الوجود الأيراني في البلدتين، إذ تسيطر حالياً الفصائل الموالية لتركيا على براد، أقرب قرية كردية إلى نبل، ولا تبعد عنها سوى 11 كيلو مترأً.

ويرجح خبراء، بأن الصفقة الروسية التركية هي بالدرجة الأولى لإضعاف الأكراد في تل رفعت ولربط مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” ببعضها لتشمل مناطق واسعة شمال غربي البلاد.

ويقول خبراء أن لا مصلحة لإيران بهكذا صفقة، وتتمسك بنبل والزهراء دفاعاً عن السكان الشيعة في البلدتين.

فقد أكد كيريل سيمونوف، خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية أنه “لا يستبعد اتفاق روسيا وتركيا على تبادل أجزاء من إدلب مع أخرى في محيط تل رفعت حفاظا على الاتفاقات المبرمة بينهما”.

وبحسب وسائل إعلام سورية، أعطى الرئيس السوري إيران، الضوء الأخضر لـ “تمركز سفن تابعة للبحرية الإيرانية في الميناء الرئيسي للبلاد، اللاذقية “. ولن تقبل إيران التي لعبت دوراً مهماً في إلحاق الهزيمة بالمعارضة السورية بالخروج من حلب وريفها بعد أن أنفقت الكثير من المال والأرواح في الحرب السورية.

تضارب المصالح

أبرمت روسيا وتركيا عدة اتفاقات (أستانا وسوتشي) بشأن سوريا عامة والمناطق الشمالية خاصة.

ونصَّ اتفاق سوتشي الذي عُقد العام الماضي، على استئناف النقل عبر طريقي حلب – اللاذقية (M4 )، وحلب – حماه ( M5)، الدوليين قبل نهاية عام 2018، لكن الاتفاق لم يُنفذ إلا جزئياً.

وتسيطر فصائل المعارضة المدعومة الموالية لتركيا وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) على طريق حلب – اللاذقية من منطقة الراشدين في ريف حلب الغربي، مروراً بمدينتي سراقب وأريحا وجسر الشغور في ريف إدلب، إلى ريف اللاذقية الشمالي عند منطقة الناجية.

القوات السورية وحلفاؤها يحققون تقدما شمال حلب بدعم جوي روسي

ويقول الخبراء إن تنفيذ الاتفاق الروسي التركي بشأن فتح الطرق الدولية، يتوقف على إقناع روسيا إيران بالانسحاب من نبل والزهراء من جهة وإجبار الأكراد على الخروج من تل رفعت من جهة أخرى للوصول إلى قلب العاصمة الاقتصادية، حلب.

وإذا تمكنت تركيا من السيطرة على الطريق العام الذي يربط حلب باعزاز، ودمشق بحلب، تصبح طرق التجارة سالكة أمام تركيا مروراً بحلب وصولاً إلى الأردن.

لكن يبدو أن تنفيذ هذا الاتفاق غير ممكن في الوقت الحالي بسبب الوجود الكثيف للميليشيات الإيرانية في نبل والزهراء وتل رفعت. (BBC)

*العنوان والنص كما وردا في النسخة العربية لهيئة الإذاعة البريطانية

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. حرب قذرة ولعبة أمم قذرة .. لم يعد للمبادئ الانسانية أي قيمة .. السكان والمواطنون هم الضحية الكبرى.. تهجير قسري لأهالي عفرين وسلب ممتلكاتهم وتغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة .. تهجير قسري لأبناء الفوعة وكفريا في إدلب وتغيير ديموغرافي أيضا، واليوم محاولة تركية لتهجير سكان بلدتي نبل والزهراء لاستكمال التغيير الديموغرافي، وفي شرق الفرات وحدات كردية تتحكم بمناطق عربية وتغيير ديموغرافي أيضا.. والمواطنون هم من يدفعون الثمن دائما .. ثم نجد هنا وهناك من يمجد بتركيا تارة ومن يمجد بأمريكا تارة .. اقول ومن موقع الانصاف .. النظام السوري رغم كل شيء لم يجبر أحد على ترك أرضه ومنزله .. عرض التسويات على الجميع .. وقال من لا يرغب بالتسويات يمكنه الرحيل .. النظام يريد أن يفرض سيطرته على الأرض السورية لأن هذا واجبه كنظام .. أما الآخرين المترزقة .. فما هي مسوغاتهم سوى العمالة؟ .. سلمولي على أكذوبة الثورة والحرية.