” فيروس الشيطنة ينتقل من ترامب إلى سوريا ! “

لم تمر إلا بضع شهور على تسلم الرئيس ترامب، زمام السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية حتى اتضح للجميع في العالم أن مؤهلاته السياسية ليست على المستوى اللائق برئيس دولة عظمى.

على مستوى السياسة الداخلية والخارجية، شرع ترامب وإدارته على الفور في ابتكار أساليب جهنمية، وألاعيب ملتوية تفتقد إلى النزاهة، وتقترب من عالم المؤامرات والدسائس والاتفاقات السرية، أكثر منه إلى عالم السياسة الكبيرة، ورسم خطط استراتيجية كبيرة ومستدامة. هدفها، البقاء في السلطة لثمان سنوات.

فاختارت الإدارة لتحقيق هذا الهدف سياسة الشيطنة الداخلية والخارجية، حيث قاموا داخليا بشيطنة الديمقراطيين، بما في ذلك كل الإنجازات والمعاهدات والمؤسسات والإعلام المرتبط بهم، وخلقوا انقساما غير مسبوق في المجتمع الأمريكي، على أمل أن يجندوا أكبر عدد من الجمهوريين حول حملة ترامب في معركته ضد الديمقراطيين، “الأعداء” الذين يسعون لـ “تدمير” الولايات المتحدة الأمريكية من الداخل. وتحولت جميع برامج الحزب الديمقراطي، والدفاع عن مصالح الأقليات، والمهاجرين، وبرامج الرعاية الصحية لمحدودي الدخل، إلى “عدوان على المصالح الأمريكية”.

على صعيد السياسة الخارجية، كانت شيطنة روسيا والصين قالبا جاهزا، يمثّل بالطبع “تهديدا مباشرا” للمصالح الأمريكية حول العالم، بينما بدا ترامب أمام المجتمع الأمريكي، مدافعا صنديدا عن تلك المصالح، كي “يجعل أمريكا عظيمة من جديد”، ويحشد بذلك تأييدا جماهيريا واسعا ضد روسيا، التي تقف عقبة في طريق هذه “العظمة”.

على الجانب الآخر، وفي خطابه إلى الأمريكيين، أكد الرئيس المنتخب، جو بايدن، على عزمه إنهاء “سياسة الشيطنة” التي اتبعها دونالد ترامب، والتي عاشت فيها الولايات المتحدة الأمريكية لأربع سنوات مضت. ربما يعني ذاك، أن أملا يلوح في الأفق أن تقوم الإدارة الأمريكية الجديدة بتغييرات جذرية في سياساتها الخارجية، يمكن أن تفتح آفاق البدء بانفراج دولي يبشر بالاستقرار والتعاون لخدمة البشرية وازدهارها.

لقد كان لسياسة الشيطنة التي اتبعتها إدارة ترامب آثارا مباشرة على القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط، بل يشبهها في ذلك ما يعانيه المجتمع السوري هو الآخر من انقسام حاد، على خلفية من يسعون إلى شيطنة سوريا. وإلا فكيف نفسر الحملة المعادية للمبادرة الروسية الساعية للقيام بنشاط دولي لحل مشكلة اللاجئين والمهجرين السوريين.

لقد وصل العداء لهذه المبادرة إلى حد تصريح الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بأن المشاركة في هذا المؤتمر هي “جريمة”.

والسؤال عن أي “جريمة” يتحدثون؟ فهل تقديم مساعدات للاجئين السوريين “جريمة”؟ وهل التخفيف من معاناة المواطنين، ومحاولات إعادتهم إلى وطنهم “جريمة”؟ وهل محاولات تنسيق إعادة بناء البنية التحتية، وتوفير الماء والكهرباء ووسائل الحياة الآدمية للمواطنين “جريمة”؟؟

اعتقد أن من يضعون نصب أعينهم هدف عرقلة كل الجهود المبذولة على طريق تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وما ورد فيه في بند اللاجئين، وعودتهم إلى وطنهم، يسعون الآن، بكل ما أوتوا من قوة، إلى شيطنة ليس النظام فحسب، وإنما كل المجهود المبذولة حتى من الأطراف التي ترغب صادقة في مساعدة الشعب السوري.

إننا هنا أمام مجموعة ترغب الإطاحة بالنظام في دمشق بأي ثمن، حتى ولو كان ذلك على حساب الشعب السوري بأسره، وذلك بعد فشل الخيار العسكري، وتدمير المدن السورية بأموال طائلة.

ما ذنب الشعب السوري، وماذا فعل المواطنون البسطاء ممن لا ناقة لهم ولا جمل في السجال السياسي، والنزاعات على السلطة، حتى يواجهوا كل هذه المعاناة والوضع اللاإنساني الذي يعيشونه.

إن الاستمرار في زرع الحقد بين السوريين، والرهان على خلق شرخ بين الأطراف الدولية التي تسعى جاهدة لمساعدة الشعب السوري، لن يؤدي سوى إلى تدهور وضع السوريين، وإطالة مأساتهم التي يعيشونها منذ سنوات.

إن الأزمة السورية لن تحل سوى بواسطة السوريين أنفسهم، وبعد أن حققت مجموعة أستانا الوقف الكامل لإطلاق النار على جميع الأراضي السورية، فإن على القيادة في دمشق، وعلى المعارضة السورية أن يتحملوا مسؤولياتهم أمام معاناة شعبهم. وخارطة الطريق واضحة لا تحتاج إلا لإرادة سياسية سورية من الجانبين، لإنجاز عمل اللجنة الدستورية، والشروع في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وليس هناك مخرج آخر، ولن يسمح المجتمع الدولي بغير ذلك.
لذلك فعلى الواهمين، والحالمين بانفصال الشمال الشرقي أو الغربي عن الدولة السورية، أن يدعوا أوهامهم جانبا.

سوريا تبقى موحدة، وهذا قرار صارم بات لا رجعة فيه على الصعيد الدولي. ويجب على الشخصيات السياسية القيادية، سواء في المعارضة أو الحكومة أن تتخلى عن أي تصريحات غير مسؤولة، مثل تلك التي صدرت عن مسؤولين حكوميين في دمشق ضد تركيا. ويجب أن يضع هؤلاء في اعتبارهم، أن تركيا إحدى الدول الأساسية في مجموعة أستانا، التي تشمل إلى جانبها روسيا وإيران.

مع تغير الأجواء السياسية في واشنطن مطلع العام المقبل، ومع الأنباء التي تبدو حتى الآن مبشرة بشأن إيجاد لقاحات لفيروس كورونا، وربما إمكانية نهاية الجائحة خلال العام المقبل، يحدونا الأمل أن تنتهي عن قريب سياسة الشيطنة في سوريا والمنطقة، بالتزامن مع نهايتها في الولايات المتحدة الأمريكية. وأن تبتعد “الشياطين” عن العلاقات بين دول الخليج، حتى تعود العلاقات العربية إلى وضعها الطبيعي، وتعود الجامعة العربية لأداء دورها، لما فيه أهمية كبيرة جدا لحل المشاكل في كل من سوريا واليمن وليبيا ولبنان، خاصة في ضوء الظروف الدولية الجديدة، أملا في أن تشهد المنطقة انفراجا قريبا.

رامي الشاعر – روسيا اليوم

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. رامي الشاعر وجه كلامك للمجرم بشار الأسد وأجهزته الأمنية الإرهابية القاتلة الذين يقَتِلون بالمواطنين وكل من يتصدى لكرامته ويطالب ببعض من حقوقه المشروعة في (وطنه) نحن لسنا عبيد يارامي وهؤلاء الإرهابيين القابضين على السلطة في سوريا .
    البلد ليست ملك خاص لهم ولعائلاتهم والذين خلفوهم. هؤلاء ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم اقتصادية ومارسوا كل أفعال الخيانات بحق سوريا وشعبها. ( وباعوا البلد بالجملة والمفرق) وحولوا سوريا لمحافظة ايرانية بانتداب واحتلال روسي .
    ولازال هناك من يدعي الفهم السياسي والانساني ويحاول التصيد في الماء العكر معتقدا بأنه يمارس طرح أفكار وحلول سياسية .
    انتم جيل البلاوي والقفز على المكاسب تحت مسمى سياسة والشأن العام والوطنية.
    آن لكم أن تحلوا عن أكتاف الشعب السوري وخاصة الشباب والأجيال الناشئة وكفاكم استغلال لكل شيء في هذا البلد المبتلي بكم وبأمثالكم والبعث ونظام الأسد الإرهابي الفاسد.

    1. لكل شجار يلزمه طرفين فلا يمكن للانسان ان يتشاجر مع نفسه.فتدمير سوريا تم بين النظام و المعارضه و كله من اجل الكراسي الي هي مصدر للنهب و تكوين ثروه هائله من اموال المساكين.ليست المعارضه و لا باي شيء افضل من النظام فمعظم رؤوس المعارضه كانوا قياديين و اصحاب مراكز في النظام السوري و كانوا بعثيين مخلصين و كان هدفهم الحصول على مراكز اعلى لانفسهم السياسه هي فن الكذب و النفاق و الذي يدفع حسابه الشعب المغلوب على امره و الذي حقوقه محصوره بانتخاب الرئيس و حمل البندقيه للدفاع عنه.على كل السوريين الشرفاء ان يقفوا كتلة واحده ضد المشروع الشيطاني الذي غايته تقسيم سوريا على اساس مذاهب و طوائف و اعدة لكل سوري حق المواطنه و ان تبقى سوريا لكل السوريين دولة مدنيه بعيده عن المذهبيه و الطائفيه و فصل الدين عن السياسه بحيث يكون الدين لله و الوطن للجميع