6 سقطات للائتلاف السوري

عندما أُسس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» في سوريا أواخر عام 2012؛ أي قبل 8 سنوات، كان حلم السوريين وأصدقائهم توليد جسم سياسي، يتجاوز مشكلات وعثرات جسم المعارضة والثورة القائم «المجلس الوطني السوري»، التي تفاقمت مرات عدة في العام الأول من عمره، وفتحت محاولات علاجها الأبواب على مشكلات صارت عصية على الحل، فلم يعد هناك بد من حله، والذهاب إلى تجربة جديدة، خمن كثير من السوريين وأصدقائهم، أن «الائتلاف» سيكون تعبيرها المطلوب، وهو أمر جعل الفعاليات الرئيسية في تجربة «المجلس الوطني»، حتى وإن مانع بعضهم لبعض الوقت، قبلت الانتقال إلى التجربة الجديدة.

وما حدث عملياً أن تلك الفعاليات وبعضاً من الوافدين الجدد، ووسط البيئة المشتركة لتشكيل كل من «المجلس الوطني» و«الائتلاف»، نقلت أمراضها ومشكلاتها معها وصراعاتها من التجربة الأولى إلى الثانية، ثم أضافت إليها مشكلات جديدة، نجمت عن التطورات التنظيمية والسياسية، التي أحاطت بـ«الائتلاف» من جهة؛ والقضية السورية من الجهة الأخرى، مما جعل «الائتلاف» يتحول إلى صورة باهتة، وهيكل عاجز عن القيام بدوره في خدمة القضية السورية، قبل أن يتحول إلى موضوع للنقد السوري الجارح، ليس من النظام وخصوم الثورة والمعارضة؛ بل من عموم السوريين، وهي حالة آخذة في الاتساع، خصوصاً بعد ما جرى القيام به من تبادل مواقع المسؤولية بين رئيس «الائتلاف» أنس العبدة، ورئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» نصر الحريري، ليحل كل منهما مكان الآخر، وكأن جسدي المعارضة عاجزان عن انتخاب رئيس لكل منهما.

ولا يشكل خطأ هذه المناقلة سوى تعبير عن عجائب سياسية وتنظيمية، كرّسها «الائتلاف» في واقعه وسياساته، وصارت البيئة الحاكمة في كل ما يصدر عنه من قرارات، وما يقوم به من خطوات وإجراءات، حتى لو كان لبعضها طابع إصلاحي أو مجدد، فإنها تفرَّغ من هذا الطابع، إضافة إلى أن السوريين لم يعودوا يتوقعون إلا السوء والرداءة في مواقف وسياسات «الائتلاف» وشخصياته الرئيسية استناداً إلى سقطات ست، ربما كانت هي الأهم، وقد تكرست في واقع «الائتلاف»…

أولى سقطات الائتلاف؛ أن غالبية المشاركين فيه من جماعات وأحزاب وشخصيات، يرونه وسيلة لتحسين مكانتهم والحصول على مكاسب؛ سواء لجماعاتهم وأحزابهم، ولأنفسهم، بدل أن ينظروا إليه بوصفه قوة جامعة، تنظم وتقود السوريين، وتجعل المشاركين فيه أداة طليعية للنضال من أجل تحقيق أهداف السوريين في السلام وإقامة نظام بديل لنظام الأسد، يوفر الحرية والعدالة والمساواة لكل السوريين، ويعالج ما خلفته الحرب من كوارث عليهم، ويعيد بناء بلدهم ومستقبلهم.

وثاني سقطات «الائتلاف» مخالفة أكثر مكوناته من التنظيمات والشخصيات قيم ومبادئ الثورة، التي أطلقها السوريون، وضحى ملايين من أجلها، وكان من أهمها سلمية الثورة وعموميتها، ورفضها التشدد والتطرف، وتأكيد وحدة الشعب السوري، وكلها قيم ومبادئ جرى تجاوزها بصورة عملية، وجرى إحلال نقائضها بدلاً منها، كما في عسكرة الثورة وأسلمتها وتطييفها، وتقسيم السوريين إلى مكونات «ما قبل الجماعة الوطنية»، والتعامل معهم على هذا الأساس، وتبني شعارات وسياسات تأييد معلن لإخوة المنهج؛ شاملة «جبهة النصرة» بأسمائها اللاحقة، وإبراز تعاطف ضمني مع «داعش»، مقروناً بسعي بعض «الائتلافيين» للظهور بمظهر «الدواعش» في القول والشكل.

وثالث السقطات، موقف «الائتلاف» من النساء؛ خصوصاً في خفض مستوى مشاركتهن في عضويته ورسم سياساته وتنفيذها، رغم كل المساعي والمحاولات التي بُذلت طوال سنوات لتعزيز حضور النساء ودورهن في «الائتلاف». وبخلاف أن السوريات حملن عبئاً أساسياً في الثورة، وفي مواجهة ما ترتب عليها من نتائج، جعلت كثيرات يتحملن مسؤوليات اجتماعية وأسرية؛ بينها إعالة عائلات، خصوصاً من فقدت عائلها، وتولين تربية الأبناء وتعليمهم، فإن تمثيل النساء في «الائتلاف» يقل عن 9 في المائة، حيث يبلغ عدد أعضاء الائتلاف من النساء 8 من إجمالي عدد الأعضاء البالغ 92 عضواً.

سقطة «الائتلاف» الرابعة، كانت في فشل مؤسساته وفسادها، وهي ظاهرة بدأت مع تأسيس «الائتلاف» عام 2012، امتداداً لما كانت عليه حال «المجلس الوطني»، وتصاعدت تالياً كما في النماذج الأولى من المؤسسات الملحقة؛ ومنها «وحدة تنسيق الدعم»، و«لجنة الحج العليا»، ثم «الحكومة السورية المؤقتة»، وتكررت النتائج في الهياكل التابعة مباشرة لـ«الائتلاف»؛ ومنها «المكتب الإعلامي» و«الدائرة القانونية»، وسفارات «الائتلاف» ومكاتبه في بلدان الشتات، وكل واحدة من تلك المؤسسات لها سيرة طويلة من الفشل ورداءة الأداء، ومستوى من الفساد الإداري والمالي، يحتاج إلى وقفة طويلة.

والسقطة الخامسة، تكمن في تسلط مجموعة من تنظيمات وشخصيات، يغلب عليها لون آيديولوجي وسياسي، يدور في فلك الإسلام السياسي والجهادي، أكدت تجربة المعارضة في السنوات العشر الماضية فشله، بل ومسؤوليته الأساسية عن فشل «المجلس الوطني» أولاً ثم «الائتلاف» وعموم جماعات المعارضة، بحكم الدور الذي مارسه «الائتلاف» في حروبه السرية والعلنية ضد قوى المعارضة الأخرى في وقت كان يفترض فيه أن يسعى من أجل وحدة المعارضة أو الوصول إلى توافقات بين أطرافها، تصب في مصلحة السوريين الذين يصر «الائتلاف» على أنه ممثلهم؛ إن لم يقل إنه «الممثل الوحيد».

وللحق؛ فإن مجموعة المتسلطين من جماعات وشخصيات، شكلت عصبة، استقرت على تفاهمات وشراكات، وإدارة عمليات تبادل المواقع والمنافع والامتيازات – رغم محدوديتها – وهي تسعى نحو تمددها ما أمكن، وبناء علاقات مصلحية مع أطراف وجهات، تتبادل وإياها المصالح.
والسقطة السادسة للائتلاف، تتمثل في فلتان سياسي وتنظيمي عند غالبية أعضائه، رغم وجود نصوص وقرارات تمنع تلك الحالات؛ بل وتحدد سبل محاسبة القائمين بها، لكن ذلك لا يمنع من استمرار الفلتان، لأن هناك من يحمي القائمين به، ويتجاوز عن سقطاتهم، أو يمنع محاسبتهم لسبب أو لآخر. وعلى سبيل المثال، فإن أي عضو في «الائتلاف» يمكن أن يدلي بتصريحات سياسية، ويعلن مواقف تتصادم مع سياسات ومواقف «الائتلاف»، ويمكن أن تسبب له أذيات سياسية وتنظيمية، كما يمكن لأي من أعضاء «الائتلاف» التغيب عن اجتماعات «الائتلاف»، على قلتها، لأشهر، وبالتأكيد؛ فإنه لا شيء يلزم عضو «الائتلاف» المشاركة في فعالياته ونشاطاته، وأكاد أجزم بأن بعض أعضاء «الائتلاف» لا تتعدى مشاركتهم فيه حضور بعض اجتماعاته.

سقطات الائتلاف السابقة، التي تبدو عجائب، جعلته خارج السياق المطلوب في التعبير عن السوريين وفي قيادة نضالهم ضد نظام الأسد ومن أجل تحقيق أهداف ثورتهم، وهذه بين أسباب جعلت أطرافاً دولية وإقليمية كثيرة تخفض مستوى اهتمامها؛ ليس فقط بـ«الائتلاف»، بل بالقضية السورية، وجعلت غالبية السوريين؛ بمن فيهم قوى وشخصيات كانت في «الائتلاف» أو قريبة منه، تبدل موقفها من سياساته وممارساته، التي باتت بحاجة لتطبيق المثل العربي المعروف: «آخر الطب الكَيّ»!

فايز سارة – الشرق الأوسط

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫7 تعليقات

  1. شوية عبيد محكومين بشوية من قرباط الصين و التركمان ، شو منتظرين منهم
    همهم يرضو الهم الديوث جوز امينة و صبي حمد

  2. ذكرني المقال بنكته قديمه

    رجلٌ سأل رجلاً آخر:
    * لماذا لم يأتِ صديقُكَ معكَ؟
    * هناك عشرةُ أسباب.
    * و ما هي هذه الأسباب؟
    * أولاً صديقي مات
    فقاطعه السائل: “ما في داعي تكفي”

  3. ذكرني المقال بنكته قديمه

    رجلٌ سأل رجلاً آخر:
    * لماذا لم يأتِ صديقُكَ معكَ؟
    * هناك عشرةُ أسباب.
    * و ما هي هذه الأسباب؟
    * أولاً صديقي مات
    فقاطعه السائل: “ما في داعي تكفي”

  4. اعتقد ان اكبر معضله لما يسمى بالائتلاف هو سقوطه الاخلاقي في مستنقع العماله والارتزاق لدول وجماعات هي من نسج وااهداف الممثل الرئيس للائتلاف الا وهم جماعة الاخوان المسلمين حاضنة الارهاب الاسلامي ذو التوجيه القومجي الديني المتطرف وهم بعمالتهم لزعامة الاخوان المتمثله باردوغان و ضعوا مصيرالشعب السوري بيد الاتراك واصبحوا بيادق في حروب العثمانيين الجدد…
    فما يسمى بالجيش السوري الحر اصبح هدفه الاوحد رضا اردوغان والارتزاق لديه والحصول على الاموال منه بدل تحرير السعب السوري من الطلم.
    فها هم يقاتلون في ليبيا لاجل اردوغان
    ويقاتلون في القوقاز لاجل اردوغان
    ويقاتلون الاكراد لاجل اردوغان
    وهم مستعدون قريبا لمقاتلة اليونانيين لاجل اردوغان

    نعم انهم قدموا افضل خدمه للنظام البعثي، بتصرفاتهم اعلنوا للعالم اجمع ان نظام بسار اسد افضل منهم ليس فقط للعالم بل وللسوريين ايضا…
    وهذه هي المأساة…
    فاكبر شبيح بعثي بكل فجاجته وارهابه يبقى مع الاسف افضل من ارهابيي ومرتزقي الائتلاف وجيشهم الداعشي

  5. لماذا لايقوم الأئتلاف بتجربة فتح الترشح لمجلس وطني تشريعي عام وإجراء انتخابات حرة تنظم على مستوى كل الدول التي يتواجد بها سوريون لانتخاب أعضاء المجلس بشكل حر.
    مجلس يمثل كل شرائح المجتمع السوري وطوائفه. ( يكون المرشح المتقدم مستوفي لشروط يتفق عليها وعلى قاعدة النزاهة والسيرة الحسنة غير مشارك أو مساهم بااعمال النظام الارهابية والفساد …. ).
    عندها يكون هذا المجلس هو المعتمد خارجيا وداخليا وقراراته تتخذ بالتصويت.
    هل يصعب عليكم يارموز المعارضة المستقلين وغيرهم تنظيم انتخابات على مستوى مجلس تمثيلي في حين تتنطحون للوصول للسلطة وحكم بلد.
    عليكم ايها السادة تذليل فشلكم المستمر منذ ماقبل الثورة وخلالها وإلى الآن بعمل ما يظهر قدرتكم السياسية والتنظيمية أمام السوريين أولا وبالتالي العالم. لكي تكتسبوا بعض من الثقة وإلا لا بد لكم من الإعتراف بعدم الحيلة والامكانية والرحيل عن مناصبكم ومراكزكم وصفاتكم ( كمعارضين لنظام فاشل فاسد مجرم مستبد).
    وبهذا لابد لكل الناشطين السوريين بهذا المجال ومن ورائهم السوريين جميعا طردكم وخلعكم ورميكم وعدم التعويل عليكم في كل ماتقومون به من تحركات.
    استاذ فايز سارة لماذا انتم جميعا ( رعيلكم) فاشلون وغير قادرين على الأخذ بالمبادرة والتحرك رغم مانلتم من تحرر فيزيائي على الأقل بفضل الثورة التي ضحى من أجلها مئات الآلاف من الشعب السوري ومنهم نجلك تحت التعذيب شهيدا.
    شو هالصفنة الآتولية ونومة أهل الكهف يلي انتوا فيها.
    النظام ينتشي على تقطيع الوقت كما تعلمون…تحركوا فلجتونا.

  6. ما أتفهكم وما أغباكم..
    تجتمعون اليوم لكتابة دستور ؟؟؟؟.

    دستور من…؟ وهل تبقى منا من يؤمن بدستور؟؟

    ربطة الخبز أهم من دستور…
    جرة غاز أهم من دستور…
    ليتر مازوت أهم من دستور…
    كيلو بطاطا أهم من دستور…
    علبة دوا أهم من دستور…
    دمعة لاجئ أهم من دستور…
    حرقة قلب معتقل أهم من دستور…
    حرقة قلب أم أهم من دستور..
    طفل جائع يأكل قطعة خبز مبللة أهم من دستور…
    شاب عمرو 17 سنة ولا يقرأ ولا يكتب أهم من دستور..
    أطفال تدفن تحت الثلوج التي لعبوأ بها أهم من دستور…
    دمعة من عين رجل أهم من دستور…
    منع زيارة لفرع أمن أهم من دستور…
    عدم إهانة كرامة مواطن أهم من دستور…
    حرية التصرف بممتلكات مواطن أهم من دستور…
    تقليع الأجانب أهم من دستور…
    منح جواز سفر ل 6 سنوات أهم من دستور…
    عدم تحديد أسعار مختلفة لليرة السورية كالمومس أهم من دستور…
    تعيين الكفء وليس المكولك أهم من دستور…
    والقائمة تطول….
    كل ماذكرت بالإضافة إلى المئات التي لم أذكر…..؟؟؟؟؟؟

    جميعهم ليسوا بحاجة إلى دستور….
    بحاجة إلى أخلاق ….أخلاق فقط….

    “كلنا سورية”
    نضال الشعار