تعرض لضغوطات كبيرة و منع من مغادرة البلاد .. القصة الكاملة لضابط انشق عن مكتب ماهر الأسد ليرقد في مشافي النرويج بعد الإضراب عن الطعام !

عادت قصة واحد من أبرز الضباط المنشقين اللاجئين في النرويج لتطفو على سطح الإهتمام الإعلامي النرويجي، بعد أن قام الضابط بالإضراب عن الطعام احتجاجاً على المماطلة بمنحه حق اللجوء، والتواطؤ بشكل غير مباشر مع نظام الأسد.

وسبق عكس السير أن نشر جزءاً من قصة الضابط المذكور الذي عانى مع منشقين آخرين، من تبعات زيارة بثينة شعبان إلى النرويج، والتي أدت إلى المعاناة التي يعيشونها حتى الآن.

يروي النقيب “عبد الرحمن التاجر” قصته لصحيفة نرويجية بتفاصيلها الكاملة، عل صوته يصل إلى الشعب النرويجي فتتحول قصته إلى قضية رأي عام، بعد أن فشل بالوصول إلى حل أو اتفاق مع السلطات النرويجية.

يقول التاجر إنه وصل إلى النرويج عام 2013، بعد عام من انشقاقه عن النظام، مشيراً إلى أن خروجه من سوريا كان إجبارياً وليس اختيارياً، حيث احتل تنظيم “داعش” قريته المحررة التي استقر فيها بعد انشقاقه (حربل – اعزاز)، لتبدأ بعد ذلك رحلة اللجوء الطويلة بدءاً من مصر ومروراً بالسودان ومقدونيا وصربيا وكرواتيا وسلوفينيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا والدنمارك والسويد، وصولاً إلى النرويج.

يتابع النقيب قائلاً للصحيفة : “الوضع في سوريا أشبه بالجحيم، جحيم لا يستثني أحداً، لكن حكومتكم لا ترى سوى جرائم داعش وتتناسى جرائم من صنع داعش، جرائم بشار الأسد فاقت كل جرائم التاريخ”.

ورداً على سؤال الصحيفة حول علاقة ماهر الأسد، الذي كان النقيب من الضباط المتواجدين في الدائرة الأقرب إليه، بالمجريات على الأرض، يقول التاجر : “ماهر الأسد يدير جميع العمليات على الأرض، و لا يتم تحريك أي قوة إلا بأمر منه، فهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، والأجهزة الأمنية كلها تأتمر بأمره الذي يشرف على تنفيذه العميد غسان بلال”.

وعن معاناته في النرويج يشرح النقيب الذي عمل في الفرقة الرابعة قبل أن يتم نقله إلى شعبة الأمن السياسي : “بعد عام ونصف من اللجوء لم أحصل على الرد النهائي، والجواب الوحيد الذي حظيت به، هو أنهم لا يستطيعون التحقق من صحة المعلومات التي قدمتها لهم، وقد يستغرق الأمر عدة سنوات إلى أن يتم التأكد”.

وحصل التاجر على إقامة مؤقتة ضمن الأراضي النرويجية، دون أن يملك الحق بمغادرتها أبداً.

أول رد رسمي على تصريحات التاجر، جاء على لسان مدير دائرة الهجرة الذي أكد أن السلطات تعلم صعوبة الموقف، لكنها لا تملك القدرات الكافية للتحقق من المعلومات التي أدلى بها، بسبب “الوضع المعقد” في سوريا.

العائق الأهم الذي تستخدمه السلطات النرويجية كسبب لعدم موافقتها على منح التاجر لحق اللجوء، هو تأخر انشقاقه عاماً كاملاً بعد اندلاع الثورة، ويرد النقيب على ذلك بالقول، إن بقاءه في موقعه المهم ساهم بمساعدة الكثيرين وإنقاذ حياة عشرات الأشخاص في دمشق وحلب وإدلب، لكنه انشق في نهاية الأمر بعد أن حامت الشكوك حوله، ولم يعد لديه أي خيار.

خروج هذه التفاصيل إلى العلن، دفع عكس السير للتواصل مجدداً مع النقيب التاجر، في محاولة للحصول على ما رفض الإفصاح عنه في المرة الأولى، بهدف عدم التشويش على سير العمل في ملف اللجوء الخاص به.

يؤكد التاجر لعكس السير أنه كان يخدم في اللوء 40 التابع للفرقة الرابعة، في مكان وصفه بـ “الحساس” والقريب من ماهر الأسد.

ويقول النقيب المنشق في معرض حديثه، إنه كان يحذر، من خلال كتب رسمية يرسلها إلى مكتب ماهر الأسد، من سيطرة “الشبيحة” على حلب وانتشارهم في المدينة بتلك الطريقة الفجة التي ستؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، لكن التجاهل واللامبالاة كانا سيدا الموقف دائماً.

وبعد أن ساهم في مساعدة الكثيرين، وإخراج عشرات الأبرياء من السجون، على حد تعبيره، بدأت الشكوك تحوم حوله، وبدأ يتعرض لمضايقات دفعته للانشقاق خوفاً من تطورها إلى اعتقال أو تصفية.

مع وصول التاجر إلى النرويج، حصل شأنه شأن بقية اللاجئين على الإقامة المؤقتة، وسار ملفه في سكة الإجراءات الطبيعية، واستبشر بقرب لم شمله مع زوجته وأطفاله، قبل أن تدمر زيارة بثينة شعبان كل شيء.

بعد انتهاء الزيارة بيومين، يقول التاجر إن شؤون الهجرة اتصلوا به وبدؤوا بممارسة كافة أنواع الضغط غير مفهوم السبب أو الهدف، ليتحول ملف اللجوء الخاص به بعد ذلك إلى ما قال إنها “المحكمة العليا” في النرويج، حيث تحول إلى ملف سياسي احتاج لتوكيل محام.

وبدأت بعد ذلك رحلة المعاناة مع الممطالة والتحقيقات التي أدت إلى منعي من مغادرة النرويج، ورفض منحي الإقامة بحجة عدم القدرة على التأكد من المعلومات، والخوف من ارتكابي جرائم حرب، علماً أن ضباط مخابرات منشقين حصلوا في نفس الوقت على حق اللجوء السياسي بعد طول انتظار، يقول النقيب.

وبدأ التاجر البالغ من العمر 33 عاماً، قبل يومين، إضراباً مفتوحاً عن الطعام أدى إلى نقله إلى المشفى، لتعرض عليه السلطات -شريطة إنهاء الإضراب- تأمين عمل لائق له يكفيه ليعيل نفسه وعائلته دون أن يحصل على “لم الشمل”، أو الذهاب إلى أي دولة أوروبية أخرى. عبد الرحمن رفض العرض وطلب بالمقابل السماح له بالذهاب إما إلى سوريا أو إلى تركيا، لكن السلطات النرويجية رفضت هي أيضاً.

يذكر أن النقيب عبد الرحمن يملك من المعلومات الأمنية ما لا يملكه أحد غيره، لكنه، إلى جانب الكثير من الضباط المنشقين، كان ضحية التهميش من قبل كافة المؤسسات المعارضة، والمنظمات الدولية التي جعلت من “داعش” فقط، همها واهتمامها.

مواضيع متعلقة : زيارة ” بثينة ” قلبت الموازين و شكوك بتعاون مع النظام .. معارضون و ضباط منشقون يكشفون عن معلومات صادمة حول تعامل ” دولة اسكندنافية ” مع اللاجئين السوريين !

عماد حلاق